رأس الخيمة
صبحي بحيري:
كشف اليوم المفتوح الذي نظمه مركز رأس الخيمة للتوحد في حديقة صقر العامة للأطفال المصابين بالمرض وأولياء أمورهم مؤخرا عن معاناة هذه الفئة التي تواجه مرضا لايزال غامضا بالنسبة للأطباء والأفراد العاديين.
وبالإضافة إلى مركز رأس الخيمة الذي أقيم بالجهود الذاتية، توجد في الإمارات مراكز لعلاج التوحد في كل من أبوظبي ودبي والشارقة. ولا يتوافر إحصاء دقيق للأطفال المصابين به في الإمارات. وأشارت دراسة حديث إلى إصابة 60 ألف طفل في السعودية به.
وبدأ التعرف على مرض التوحد سنة ،1943 وزادت نسبة حدوثه من طفل في كل 10 آلاف طفل في 1978 إلى طفل في كل 300 طفل، وفي أبريل سنة 2000 أعلن مركز مراقبة الأمراض (CDC) في الولايات المتحدة الأميركية عن ارتفاع نسبة حدوث هذا المرض بمنطقة ”بريك” في ولاية ”نيوجرسي”، وقدرت نسبة الإصابة بحوالي 6,7 طفل لكل ألف.
وأظهرت الدراسات أن نسبة الإعاقة الذهنية في حالات التوحد تصل إلى 60-70%، وتتراوح الإعاقة الذهنية بين خفيفة ومتوسطة وشديدة.
بداية مركز رأس الخيمة كانت في فيلم تسجيلي أعدته مجموعة ”انعكاس الفنية” التي أسسها المخرج السينمائي وليد الشحي قبل سنوات عن طفلة مواطنة مصابة بالتوحد تدعى فاطمة الزعابي. وما أن بث الفيلم الذي حمل عنوان ”فاطمة” عبر مواقع الانترنت حتى تحول إلى قضية رأي عام في الإمارة.
وتفاعل أولياء أمور الأطفال التوحديين مع الفكرة التي ترجمت بسرعة إلى مشروع. وفي أسابيع قليلة كون مجلس إدارة للمشروع بدأ الدعاية للفكرة ونشط أعضاؤه في جمع التبرعات. وبدأ 16 طالبا في مركز رأس الخيمة للتوحد عامهم الدراسي الأول فى مارس الماضي في مقره الحالي في منطقة دهان وهو عبارة عن فيلا مستأجرة.
واستمرت الدراسة حتى نهاية يونيو الماضي. وبداية العام الدراسي الحالي استقبل المركز 3 طلاب جدد، وتتراوح مشاكل الدارسين بين عيوب في النطق وصعوبات التعلم والتوحد بجميع درجاته.
ومما يزيد صعوبة الإصابة بالتوحد تأخر أولياء الأمور في اكتشافه لجهلهم بأعراضه، أو خجلهم من الإفصاح عن إصابة الطفل به مما يؤخر علاجه.
وكشف التفاعل مع قضية مركز رأس الخيمة عن وجود 67 طفلا وطفلة ممن يعانون من هذا المرض الغامض فى الإمارة بعضهم يلجأ إلى المراكز الخاصة في رأس الخيمة أو الشارقة وأكثرهم لا يعلم شيئا عن المرض.
تقول عائشة السعدي التي تدير المركز متطوعة إن”جميع الطلاب انتظموا في الفصول منذ اليوم الأول، إذ بدأت الاختصاصيات العاملات في المركز برامج العلاج الوظيفي وعلاج مشاكل النطق والتعلم للطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 4 سنوات و16عاما”.
واستقبل المركز في هذا العام حالتين لفتاة وصبي، ويبلغ عمر الفتاة 18 عاما في حين يبلغ عمر الصبي 16 عاما وجاءا من مركزي أبوظبي ودبي حيث درسا خلال الأعوام السابقة. وخاطب المركز الدوائر المحلية لدمج الاثنين من خلال توفير فرص عمل لهما تتناسب مع قدراتهما.
ولضيق المكان اضطر المركز للعمل في الفترة المسائية، ويدرس 9 طلاب في الدوام المسائي الذي يمتد من الرابعة حتى الثامنة لثلاثة أيام فى الأسبوع. واعترفت وزارة الشؤون الاجتماعية بالمركز في العام الماضي وهناك توجه لنقل الطلاب المواطنين إلى مركز رأس الخيمة لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة للدراسة في قسم خاص بهم في حين يستمر عمل المركز من خلال استقبال الأطفال المواطنين والوافدين.
وتقول عائشة السعدي” ما زلنا في انتظار وعود وزارة الشؤون الاجتماعية بتوفير مكان أوسع للطلاب في مركز ذوي الاحتياجات الذي يشيد في الإمارة، وكذلك تعيين الاختصاصيات المواطنات اللواتي بدأن العمل بالمركز بأجور رمزية”. ويحتاج المركز إلى ما يزيد على 50 ألف درهم شهريا ويعتمد بشكل رئيسي على التبرعات. ويتقاضى المركز 600 درهم فقط من كل طفل في حين يوفر حافلات لنقل الدارسين من جميع أنحاء الإمارة برفقة مربيات.
ويتميز طفل التوحد بقصور وتأخر في النمو الاجتماعي والإدراكي واللغوي، وثبت حديثا أن الإصابة بالتوحد ناتجة عن خلل في الجهاز العصبي وجهاز المناعة عند الطفل.
ويتدرب أطفال مركز رأس الخيمة للتوحد مرة كل أسبوع على الفروسية والسباحة والغوص لتنمية مهارات الابتكار لديهم.
وتشير عائشة السويدي إلى أن المركز أعد هذا العام برامج خاصة للطلاب بعد إنشاء مرسم خاص وغرفة للاسترخاء وأخرى لتنمية المهارات اليدوية بالإضافة لتنظيم رحلات ترفيهية.
ويخصص المركز أخصائية لكل طفلين تكون مسؤولة عن تعليمهما مهارات تعديل السلوك في حين يتولى أخصائي النطق تدريب الأطفال على تعلم المفردات التي تساعدهم على التعامل مع محيطهم.
وتتولى أخصائية علاج وظيفي تدريب الأطفال على تمارين تحريك العضلات واللياقة البدنية التي تعتبر عنصرا رئيسيا في العلاج.
وتقول الاختصاصية آمنة عبدالله التي بدأت العمل في المركز منذ افتتاحه إن ”العمل مع الأطفال التوحديين يحتاج إلى جهد وتفهم للمشكلات التي يعانون منها. ونأمل أن تستقر أوضاعنا المادية في هذا المكان الذي يعد مفخرة لأبناء الإمارة لأنه أقيم بالجهود الذاتية”.
وتطالب آمنة حسين وليلى محمد بأن تعينهما وزارة التربية والتعليم في المركز لإكمال المشوار الذي بدأتاه مع الأطفال الدارسين به.
وتؤكد الاخصائية شمسة محمد التي تخرجت العام الماضي في جامعة الإمارات أنها تحضر إلى جانب العمل دورات تدريبية لمعرفة كل جديد في هذا المجال الذي يعتبر جديدا على العالم العربي.
وتطالب عايدة شعبان مشرفة المعلمات بدمج الفتاة والصبي الملتحقين حديثا بالمركز في إحدى الدوائر المحلية بإسناد أعمال خفيفة إليهما بحيث يكون ذلك بداية لمرحلة أخرى من العلاج تنمو خلالها مهاراتهما.
ويؤكد سعيد حامد أخصائي النطق أن العديد من الحالات شهدت تطورا طفيفا خلال الشهور الماضية، لكن استمرار ذلك يحتاج إلى تكاتف جهود الأسر مع العاملين في المركز.
ويبدأ المركز قريبا حملة إعلامية تتضمن إنتاج فيلم للتعريف به وبأنشطته.
ويشير أحمد عيسى العسم وأحمد سالمين عضوا مجلس الإدارة إلى أن صعوبة التعامل مع مرض التوحد والمصابين به تأتي من الغموض المحيط به. ويطالبان بمزيد من الجهود للتعريف به.
ويؤكد سعيد الحولة عضو مجلس الإدارة وولى أمر طفل توحدي أن غموض المرض يحتاج لأن تتكاتف جهود أجهزة الإعلام لتعريف الناس بالأعراض وطرق العلاج وكيفية التعامل مع هذه الفئة.