المرض النفسي هو : عبارة عن اضطراب في الشخصية اضطرابا وظيفيا غير فيزولوجي ، ويتمثل في الصراع الداخلي conflict المسبب للقلق والتوتر، والصراع النفسي يعني تضارب بين رغبتين متضادتين رغبات الإنسان ونزعاته الفطرية ونظرة المجتمع وتقاليده وضمير الإنسان الخلقي الذي يرفض للإنسان التمادي في رغباته ونزعاته ، فلولا المعايير الضابطة لسلوكيات الإنسان لصارت حياته فوضى ( شريعة الغاب )، لذا فإن الأديان جاءت لتنظيم حياة الإنسان وإخراجه من الحيوانية البهيمية ، جاء الدين الإسلامي ليجعل الإنسان سعيدا في حياته لأنه يأمر ه بالخروج من البهيمية المادية والمثالية التي تحرم عليه مباهج الحياة وملذاتها إلى الوسطية والإتزان 0
ليس هناك حد فاصل بين الأمراض العقلية والنفسية والسبب أن كل منها يؤثر في الآخر فقد يتحول مرض نفسي مثل الوسواس القهري أو الاكتئاب إلى مرض عقلي والعكس صحيح ، لذا عمد علماء النفس الحديث إلى أطلاق اسم الاضطرابات النفسية لتشمل الأمراض النفسية والعقلية ، وعلى الرغم من ذلك فإن بعض العلماء لازالوا يميزون بين ا لأمراض النفسية والأمراض العقلية ، كما أن هناك فرقا بين الأمراض النفسية والعصبية ، فالأمراض النفسية منشؤها وظيفي أما الأمراض العصبية فمنشؤها خلل في الجهاز العصبي المركزي 0، ففي الأمراض النفسية يكون المريض بها جهازه العصبي سليما لايوجد به أي تلف أو خلل0
من أبرز الفروق بين الأمراض النفسية والعقلية أن المريض النفسي مستبصر بذاته وبمرضه وبمعنى آخر هو يدرك أ نه مريض بل ويسعى للعلاج في العيادة النفسية ، أما المريض العقلي فهو غير مستبصر بذاته ولا يدرك أنه مريض فعندما تطلب منه مراجعة العيادة النفسية يرفض ذلك بل ويقول لك أنت اذهب للعيادة النفسية أنت المريض ، ومن هنا صار علاج المريض العقلي صعب جدا حتى لو أخذه أهله للعلاج فإنه لن يتقيد بتعليمات الطبيب خاصة فيما له علاقة بالدواء ، والمشكلة أن الأمراض النفسية والعقلية تحتاج إلى وعي تام من أهالي المرضى ومن المرضى أنفسهم لأن علاج المرض العقلي أو النفسي يحتاج إلى مداومة على استخدام الدواء فقد تطول المدة إلى ستة أشهر إلى سنة وربما بعض الأمراض العقلية مثل الشزفرينيا قد تستغرق فترة العلاج العمر كله 0
يقول الدكتور /مختار حمزة في كتابه : مشكلات الآباء والأبناء ص196(من الوجهة الإكلينيكية فإن الفارق بين المرض العقلي ( الذهان) والمرض النفسي( العصاب ) ، إنما يكون في درجة اتصال المريض أو انفصاله عن الواقع ، ففي حالة المرض النفسي نجد لدى المريض قدرا كبيرا من الاتصال بالواقع ، ووعيا بما هو عليه من اضطراب ، فهويسعى بالتالي بحثا وراء علاج لهذه الحالة، وإن كانت هناك ظاهرة أخرى تصاحب هذه الرغبة في الشفاء وفي التشبث بأعراض المرض والتأرجح بين مقاومتة والإقبال عليه ،طالما أن أعراض المرض النفسي تخدم في أساسها وظيفة معينة 0
أما بالنسبة للذهان ، فإن أهم ما يلاحظ عليه هو انفصاله عن الواقع قد يكون تاما في كثير من الأحيان ، فالمريض يصوغ في هذه الحالة عالما صنعه لنفسه ، تسوده الهلوسة أو الهذيان ، وطالما أن هناك انفصالا عن الواقع لدى مريض العقل ، فلا بد ان نتوقع عدم وعيه بموقفه وحالته ، وبالتالي عدم سعية وراء العلاج وعدم رغبته فيه) ،والهلوسة والهذيان تعني أن المريض العقلي يشاهد أو يسمع أو يشم أشياءلايشاهدها أويسمعها أو يتذوقها غيره ويصدق ذلك ولا يقتنع بأن ما يسمعه أويشاهده أو يشمه مجرد تخيلات وأو هام مبعثها ما يعانيه من مرض ، كما أن هناك فرقا بين الأمراض النفسية والعقلية يتمثل ذلك في كون الأمراض العقلية يغلب عليها الجانب الوراثي الجيني كأن يوجد في عائلة المريض على الأقل اثنان أو ثلاثة أو اكثر مصابين بهذا المرض بينما الأمراض النفسية يغلب عليها الجانب البيئي المكتسب ، كما أن علاج الأمراض النفسية أسهل من علاج الأمراض العقلية ، والله الموفق 0