لا بد أن يكون لكل إنسان وخاصة من يعمل في مكان قيادي قناعات ومنطلقات في عمله يكون من خلالها الحكم والقرار والتصور، والتقديم والتأخير، وذلك من عبر ما تصور في نفسه وعقله ، وعليه كانت قناعاتي ومنطقاتي في عملي كمدير ما يلي :
1 – أن الناس عمومًا فيهم خير عظيم، وحب للعمل الصالح، والتقرب إلى الله، مهما كان حالهم ومظهرهم وواقعهم، فأستغلُّ هذا الجانب للرفع من مستوى العطاء في المدرسة من جميع الجوانب من باب الاحتساب وابتغاء الأجر.
2 – يوجد نوعية من الناس طبيعتها محبة العمل وعشقه، والاستمتاع فيه، مهما كان نوعه وصعوبته، فهذه النوعية أستثمرها وأحتويها وأدعمها وأكرمها وأرفع من شأنها، كل ذلك للرفع من مستوى المدرسة وتحقيق أهدافها التربوية
3 – أن العمل الرسمي شاق وغير محبب للنفوس، وفيه صعوبة؛ لأنه نوع من تقييد الحرية، والقيام بتنفيذ الأوامر من سلطة أعلى، ولذا تتغير النفوس، وتحد الطباع داخل أروقة العمل، هذه القناعة جعلتني لا اهتم كثيرا بالتذمر والتضجر من البعض وأيضا يجعلني أسعى لتخفيف الضغوط على زملائي وخاص في الروتين الغير مجدي
4 – المعروف يملك ويأسر الكريم، ويقيم الحجة على المقصر:
أَحْسِنْ إِلَى النَّاسِ تَسْتَعبِدْ قُلُوبَهُمُ *** فَطَالَمَا اسْتَعْبَدَ الإنْسَانَ إِحْسَانُ([1])
5 – الناس لا يلومونك فيما لا تقدر عليه؛ فلا تدخل في مجال ليس لك، فلك حدود لا تتجاوزها، قال تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا}([2]).
6 – ليس كل ما يُعلَمُ يُقالُ، ولكل مقام مقال، ولكل حادث حديث.
يتبع
7 – رضا الناس غاية لا تدرك ولن تدرك، فليس الفشل هو عدم رضا فئة من الناس، وليس دليل النجاح كثرة المدح والإطراء من بعض الفئات.
8 – لا بد من خسارة فئة من الناس، وعدم الاتفاق معهم، فإذا كانت إدارتك صحيحة خسرت المتسيبين والمقصرين، وإذا كانت إدارتك فيها خلل – خصوصًا في التعامل – فإنك ستخسر المتميزين والمربين، والذين يستحقون أن ينالوا شرف المعلم المربي. وهذه القاعدة تنطبق على الطلاب وأولياء الأمور
9 – أعان الله المدير فهو في مكانه وعمله رأس ومكان نظر الجميع، فهو يعيش في الوسط وحوله الرؤساء في الإدارة، والزملاء في المدرسة من الإداريين والمعلمين والطلاب وأولياء الأمور على اختلاف أوضاعهم ؛ والجميع له مطالب ورغبات مختلفة ولذا فان حركاته وكلماته محسوبة عليه، فهو تحت المجهر، وهو رأس و الرأس كثير الآفات، وهنا لا بد من التضحية والصبر، من أجل الإصلاح، وتسخير هذا الصرح إلى ما فيه خير للجميع، فالتضحية تكون من أجل الأفضلية التي ذكرها الرسول : عن ابن عمر قال: قال رسول الله : (( الْمُؤْمِنُ الَّذِى يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ أَفْضَلُ مِنَ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لاَ يُخَالِطُ النَّاسَ وَلاَ يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ))( ) ومن لم يكن لديه مثل هذا الهدف السامي فهو في خسارة لأنه وغيره من باقي التخصصات المريحة سواء وخاصة في المزايا المادية
10 – أصعب شيء في الإدارة العدل، وهو يعجب الجميع، مع أنه قد لا يتقبله البعض، لكنه في قناعتهم الداخلية هو الصحيح؛ ولذا العدل لا يؤدي إلى نتائج سيئة أو ردة فعل تؤثر في سير المدرسة.
11 – عند تقييمي للعمل والنجاح حتى لو كان بسيطا لابد أن أشيد، وأشكر عليه، بعد ذلك أوضح أننا نريد المزيد والمزيد حتى لا يصاب من حولي بالإحباط
12 – لا يمكن أن يوجد عمل كامل لا نقص فيه، ولن أستطيع حل جميع المشاكل وتحقيق جميع الأهداف، ولن أصاب بالإحباط إذا لم أحقق كل ما أريد، فدوري الاجتهاد والبذل والحرص وتحري الصواب، والباقي على الله. وهذه القناعة هي التي من خلالها تكيفت أن أعيش مديرًا مرتاحًا، وأن أبتعد عن التوجيه والنظر المثالي.
13 – الخلافات والمشاكل في المدرسة واختلاف وجهات النظر بين أفراد المدرسة سواء الإداريون والمعلمون (في حدود) ظاهرة صحية، وأمر لا بد منه، لكن بشرط أن لا تؤثر على سير العمل، ومن هذه المشاكل والاختلافات يظهر الإبداع وطرح الحلول، وأيضًا يتم التعرف على طباع من حولك، وتتكشف شخصياتهم ، وعليه لا أنزعج منها، ولا أعتبرها ظاهرة سيئة. ولذا قيل: " إن الاختلاف وحده هو ما يؤدي لظهور أفضل الأشياء وأبرع الأشخاص، ولذا أنا ضد البناء الاجتماعي الذي يذيب الاختلافات والفروق الفردية؛ لأني أريد للصفوة أن تعتلي القمة". (روبرت فروست).
14 – لا بد أن يكون للإدارة والمدير هيبة ومكانة خاصة عند الجميع، سواء معلمون وطلاب، وأولياء أمور، وأن يكون التعامل تعاملاً خاصًّا، والهيبة الحقيقة لإدارة المدرسة تكون بتطبيق مبدأ القول للمحسن: أحسنت، وللمسي: أساءت، وبدون مجاملة لأحد، وأيضًا بقدرة المدير، على حل المشكل وتخطي العقبات والتميز عن الغير بالإبداع والطرح غير المألوف، وتحقيق الأهداف مهما كانت صعبة، أما أن يتصنع المدير الهيبة لكنه خاوي البضاعة فالناس ليسوا أغبياء، ويدركون كل شيء، والناقد بصير، ولذا تجد بعض مديري المدارس جميع العاملين معه لا يفكرون بتجاوزه من باب الاحترام والتقدير؛ لأنه أثبت نجاحه في كثير من المواقف، وذلك قال الشاعر:………………
وقيل: لا يقاس النجاح بالموقع الذي يتبوأه المرء في حياته.. بقدر ما يقاس بالصعاب التي يتغلب عليها ..!!
15 – المدير قاضٍ في المدرسة، وعليه أن يتقي الله في حقوق من عنده سواء معلمين أو موظفين ،او الطلاب وكل هؤلاء سيكونون شهداء للمدير أو شهداء عليه في الدنيا والآخرة وقد يكون الحق مع الطالب ضد المعلم، وهنا لا بد من أخذ الحق ورده لأهله، لكن بطريقة ترد الحق للطالب، وتحفظ للمعلم مكانته، ولا يشعر الطالب أن الإدارة أذن صاغية على أخطاء المعلمين
16 – لا يمكن أن تعرف الإنسان حق المعرفة إلا بعد التجربة مهما صنفه الناس سلبًا أو إيجابًا، ومهما كان مظهره، والتجربة تعطيك النتيجة واضحة؛ ولذا قيل: إذا حَمَّلْتَ المسئولية لمن لا يستحقها فسوف يكشف عن خلقه الحقيقي دائمًا
17 – الوصول للهدف الذي تقصده وتريد تحقيقه ليس أمرًا سهلاً، ويتطلب جهدًا كبيرًا وشاقًّا في بعض الأحيان، وتخطيطا محكما ، وينبغي أن تستعدَّ لكل عقبة، وأن تتعامل مع كل موقف وأن تكون طريقتك صحيحة وموافقة مع طبيعة عملك وطبيعة من حولك من العاملين حتى تصل للهدف الذي تريد الوصول إليه، وهو نوع من التحدي مع نفسك ومع من حولك، ولذا قيل: لا يصل الناس إلى حديقة النجاح دون أن يمروا بمحطات التعب والفشل واليأس، وصاحب الإرادة القوية لا يطيل الوقوف في هذه المحطات. وقيل : الناجح يجد حلاً لكل مشكلة، والفاشل يجد مشكلة في كل حل.
وقال الشاعر:
لولا المشقة ساد الناس كلهم *** الجود يٌفقر والإقدام قتّال
وقال آخر: وَمَنْ يَتَهَيَّبْ صُعُودَ الجبالِ *** يَعِشْ أبَدَ الدَّهْرِ بينَ الحُفَر
وقال آخر: وإذا كانت النفوس كبارًا *** تعبت في مرادها الأجساد
18 – أن كل فكرة أو مشروع يُطرح مهما كانت صعوبته إذا تم طرحه بشكل صحيح وبدراسة متأنية ومشاركة من الجميع وبمتابعة جادة ستجد فئة تتفاعل معه ولو كانت قليلة، وستكتشف بهذه المشاريع الصعبة والضخمة النوابغ والمتميزين؛ لأن كل صعب لا يستطيعه إلا قوي وصابر؛ وهم في المجتمع كالذهب غالٍ ونادرٌ؛ فمثلاً : لو تم الموافقة على طرح مسابقة حفظ القرآن كاملاً لا بد وأن تجد فئة من الطلاب تدخل المسابقة، منهم من يصل للهدف وهم قلة، ومنهم من يقف في منتصف الطريق، ومنهم من يتراجع وكل هذه تعُتبر نتائج ايجابية .. المهم أن المشروع لن يفشل فشلاً تامًّا، وإذا فشل فقد يكون العيب ربما في طريقة الطرح والتنفيذ فلا بد من دراسة أسباب الفشل حتى لا تتكرر مرة أخرى
19 – العقاب لا بد منه في أي عمل، وكل عقوبة مهما كانت سيتقبلها المعاقب بدون أي ردة فعل بشرط ألا يشعر بغير هدف المصلحة من وراء ذلك العقاب، وألا يكون مظلومًا، وأن العقوبة عليه وعلى غيره، وأن تكون أقيمت عليه الحجة، وأن تكون العقوبة على قدر المخالفة.
20 – الجدول في المدرسة يُعطي انطباعًا عن شخصية المدير وعن سير المدرسة، وضبطه يعني ضبط المدرسة، ومهما ظهر الاعتراض على التوزيع في البداية إلا أن الجميع مع الأيام سيقتنع، وتسير المدرسة بهدوء بشرط أن يكون موزعًا بالعدل، ولا يوجد محاباة لأحد على حساب أحد.
21 – كل نتيجة سيئة غالبًا يكون لها أسباب خفية؛ فسلوك الطالب السيئ في المدرسة قد يكون ناتجًا عن ظروف قاسية في البيت، وتقصير المعلم ربما يكون لظروف خاصة عنده؛ ولذا وجب البحث عن السبب، لأنه ربما يكون السبب بعيدًا كل البعد عن مكان العمل؛ ولذا قيل: عندما تعرض عليك مشكلة أبعد نفسك عن التحيز والأفكار المسبقة… وتعرف على حقائق الموقف ورتبها، ثم اتخذ الموقف الذي يظهر لك أنه أكثر عدلاً وتمسَّكْ به.
وأيضًا رأيي الخاص أن بعض ما يحصل من اعتداء على معلمين أو مديري مدارس أو المدرسة نفسها كل هذه السلوكيات – غالبًا – إنما هي انفجار من ضغط سابق سبب الإحباط وبعده الاعتداء ، وما يحصل من تسيب وإهمال من طاقم المدرسة سببه الأجواء الفوضوية تعيشها المدرسة بسبب سوء الإدارة قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}( ).
22 – أنه ممكن يحصل أي شيء داخل المدرسة، إذًا فلا بد أن أكون مستعدًا لأي موقف، كما أني أكون متقبلاً لأي حدث، وأكون متهيئًا للتعامل مع أي مشكلة مهما كانت وقد اعمل سيناريوا في ذهني لبعض القضايا الخطرة .
23 – أن فصل الطالب من المدرسة يعني قتله، وتدميرًا لحياته، ويعني في نفس الوقت إضافةَ عضوٍ فاسدٍ ومفسدٍ للمجتمع، وإذا اضطررتُ إلى ذلك وتبين لي أن المصلحة في فصل الطالب أبحث له عن بديل سواء مدرسة أخرى أو مجال آخر، لكن هذا لا يعني أني أضحي بالمدرسة لأجل طالب، بل قد أضطر إلى إبعاده مهما كانت النتائج .
23 – أنَّ تعاملَ المدرسةِ معَ الطالبِ ومخاطبته كأنه رجل والبعد عن تكرار أسلوب التهديد والتلويح بالعقوبة (مع عدم التساهل في الأنظمة) والتحاور معه وعدم تحطيمه والاستهزاء به له دور كبير في تهيئته للتعلم والنجاح، وإعطائه الثقة بنفسه، وجعله يترفع عن كثير من التصرفات الطائشة والتي يأتي بعضها ردة فعل بسبب سوء التعامل .
24 – في رأيي الخاص أني لا أحاسب الطالب على قدر عمره مراعاةً للواقع الذي يعيشه، فهو مستهدف من جميع الجهات، ويواجه ضغوطًا عظيمةً يحتاج إلى من يقف معه، وأيضًا مراعاةً لوضع بعض المعلمين الذين سلكوا التعليم من أجل الوظيفة، فكان دورهم – وللأسف – سلبيًّا جدًّا، والضحية الطالب، وأيضًا مما يلاحظ من تخلي بعض أولياء الأمور عن مسئولياتهم تجاه أبنائهم مما سبَّبَ مشاكل نفسية وسلوكية أدت إلى انحرافه، ولذا نغض الطرف كثيرًا عن بعض التجاوزات والتي تعبر عن واقع غير مرضي يعيشه بعض الطلاب .
قال الشاعر: يصف حال بعض الشباب :
أَعَـانِي فِي حَيَاتِي مَا أُعَانِي *** وَأَقْضِي العَيْشَ مَفْقُودَ الْمَعَانِي
وَأَسْمَعُ بِالـَّسعَادَةِ لا أَرَاهَا *** أَيُبْصِرُهَا حَصِيرُ الطَّرْفِ عَانِي
فَـأُمِّي لَمْ تَسَلْ وَاللهِ عَنِّي *** وَلَمْ تَدْرِ يَوْمًا مَـــا أُعَانِي
25 – ليس كل طالب قد خُلق للدراسة، ولا يحكم على الطالب بالفشل بالحياة إذا أخفق في المستوى الدراسي ولم يستطع النجاح، فربما اتجه إلى مجال آخر فأبدع، قال النبي : ((اعْمَلُوا فَكُلُّ امْرِئٍ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَه))( ).
وقال الشافعي – رحمه الله – : (وقيمة المرء ما قد كان يحسنه).
ودور المدرسة الأساسي هو عدم تحطيم الطالب، وتعييره بضعفه الدراسي إذا كان لا يملك قدرات تؤهله للتفوق والنجاح، بل عليها المحافظة عليه حتى يصل إلى مرحلة يمكن توجيهه إلى ما ينفعه حسب ميوله، وحسب مواهبه، وذلك على حسب الأوضاع الخاصة والظروف المحيطة
26 – يمر الطالب خلال عمره بفترة حرجة جدًّا؛ من ثاني متوسط إلى نهاية أول ثانوي، وهي (المراهقة)، يكون قابلاً للانحراف والضياع في هذا الفترة أكثر من غيرها؛ ولذا الحرص عليه في هذا العمر، والتعاون مع ولي أمره، ومراقبته ومتابعة بهدوء، والتعامل معه بحكمة، كفيل بحمايته وضمان بعد توفيق الله أن تمر عليه هذه الفترة بأمان وسلامة.
27 – أن المشاكل إذا تجاوزت أسوار المدرسة وتم علاجها عن طريق الآخرين وبالطرق الرسمية لا تنتهي، وسيبقى لها أثر سلبي، وعليه أحرص جدًّا على عدم نقل أي صورة سيئة لضيوف المدرسة من المشرفين والمسئولين، ويكون علاج المشاكل داخل أروقة المدرسة بالتفاهم والشورى من الجميع، وبالصلح والعفو والصفح وتبادل المصالح ، ودون اللجوء إلى الطرق الرسمية التي هي الحل الأخير، والذي لا ألجأ إليه إلا اضطراري وأكون معذورا من أي جهة لأني استنفذت جميع وسائل الإصلاح .
28 – النجاح الحقيقي في التربية والتعليم هو في تغيير الأوضاع المتسيبة إلى أوضاع منضبطة، وتفعيل دور المعلم والمرشد والوكيل وولي الأمر في صالح المدرسة ، وتغيير سلوك الطلاب من الانحراف إلى الصلاح، ومن الضعف والإهمال إلى التميز والتفوق. وأكسباهم مهارات، واكتشاف ما عندهم من مواهب، وترك أثر واضح في المدرسة بحيث يحكم الجميع بالنجاح والتميز . وأما دعوى النجاح من الكثير فتحتاج إلى دليل.
29 – أن جميع الأعمال التي أحتاجها للمدرسة سواء في إدارة التربية أو الدوائر الأخرى لن يحرص عليها أحد كحرصي عليها، ولن يتابعها بجد غيري، ولذا أحرص على أن يكون لي بكل قسم من أقسام الإدارة أو الدوائر الحكومية علاقات خاصة مع الموظفين، لكي أتابع من خلالهم سير المعاملات الخاصة باحتياجات المدرسة وأعمالها، ولو اعتمدت على سير المعاملات بالطرق الرسمية لتعطلت جميع أعمالنا.