الإقبال ضعيف على جمعيات النفع العام رغم فعالياتها المتعددة
العمل التطوعي بين صعوبات الواقع وتحديات المستقبل
تحقيق: جيهان شعيب
مر منذ فترة اليوم العالمي للتطوع واحتشدت جهود البعض للاحتفاء بالمناسبة من خلال تنظيم العديد من الفعاليات وكان أبرزها الندوة التي نظمها الهلال الأحمر في الدولة وطرحت من خلالها العديد من أوراق العمل المهمة حول واقع العمل التطوعي ومستقبله والتحديات التي تواجهه. ومنذ أيام قليلة احتفل مجلس أمناء جائزة الشارقة للعمل التطوعي بتكريم الفائزين بها في دورتها الخامسة من خلال احتفالية متميزة بعد أن حققت الجائزة انطلاقة لافتة منذ أن انشئت بناء على المرسوم الأميري الذي أصدره صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة عام 2001.
لكن هل مع هذه الفعاليات وغيرها يمكن القول إن العمل التطوعي نهض من كبوته وأصبح له صدى في المجتمع الذي لا يزال كثير من أفراده ينظرون إليه على انه مضيعة للوقت وبذل للجهد من دون عائد مادي مرجو أو معنوي على التقدير الأقل.
الاجابة جاءت في الأسطر التالية على ألسنة عدد من المعنيين.
د. أحمد النجار استاذ علم النفس في جامعة الإمارات وعضو الهيئة الادارية لجمعية رعاية الموهوبين أكد ان العمل التطوعي اجمالاً يشهد عزوفاً واضحاً من خلال ضعف الاقبال على عضوية الجمعيات ذات النفع العام، وتحويل العمل التطوعي إلى عمل مؤسسي بسبب نقص العاملين في هذا المجال، فضلاً عن اتجاه الناس إلى المشاركة في الأنشطة ذات المردود المادي الملموس نظراً للنقلة المادية التي يعيشها المجتمع والمتطلبات الاجتماعية الزائدة على امكانيات الأسر، اضافة إلى اقتطاع العمل التطوعي كثيراً من الوقت الذي يفضل البعض قضاءه في الراحة بدلاً من الالتزام بأية أمور أخرى.
وأضاف ان قيام معظم الأنشطة على أساس حساب المردود المادي العائد منها يؤدي إلى تحول الجميع إلى آلات متحركة تنتظر العطاء، فيما يفقد الجميع بذلك القيم الداخلية الجوهرية ويبتعدون عن المعاني السامية فتصبح العلاقات تبادلية ويفقد المجتمع الروابط الانسانية السليمة، مشيراً إلى ان المتطلبات الحياتية أدت إلى تغير النفسية العربية حيث تلاشى إلى حد كبير الارتباط العاطفي بين الكثيرين.
وأكد ضرورة الرجوع للشريعة الاسلامية التي نبهت إلى أهمية العمل التطوعي الذي يعد أصيلاً في الدين الحنيف، فضلاً عن أهمية دعم مؤسسات النفع العام لتتجاوز المعوقات المادية والظرفية والمكانية التي تواجهها وتحول دون تواصلها مع الآخرين، مشدداً ثانية على أن دعم ومساندة الجمعيات سيسهم في تحريك المسار الاجتماعي وتغيير الاتجاه السلوكي لدى الناس.
التنسيق والمتابعة
ومن جهته قال د. أمين الأميري وكيل وزارة الصحة المساعد أمين عام جائزة الشارقة للعمل التطوعي ان العمل التطوعي في حاجة إلى تنظيم وتنسيق ومتابعة، وهنالك جهات تعمل بكل جهد لتشجيع وتكريم الجهود التطوعية المبذولة في الدولة من مختلف الفئات والمجالات، ولا شك ان هذا الدور من قبل جائزة الشارقة للعمل التطوعي له الأثر الايجابي في استمرارية تنفيذ هذه البرامج التطوعية، ومن خلال الدورات الخمس الماضية للجائزة، لاحظنا ارتفاع عدد المشاركات مع تميز الأعمال التطوعية المنفذة، ولكن لعدم وجود جهة تعمل على تنظيم برامج تطوعية وتدريبية للمتطوعين مع استقطاب الخبرات التطوعية والاستفادة منها، فإن ذلك يؤدي إلى عدم تطور مفهوم التطوع في المجتمع.
وأضاف: الدور الايجابي المفترض ان نراه في المجتمع عن العمل التطوعي غائب تماماً بسبب عدم قيام الجهات المختصة بتنفيذ برامجها بحيوية ونشاط بصفة مستمرة، فالجهات المعنية في جمعيات النفع العام أصبحت غير فعالة وغير نشطة بل لا توجد عليها الرقابة الدائمة، ولكن سوف تقوم جائزة الشارقة للعمل التطوعي بهذا الدور من بداية العام المقبل بعد الانتقال للمبنى الجديد الخاص للجائزة، وبعد رصيد ميزانيات ثابتة مستمرة لها، حيث ستنظم برامج تطوعية سنوية على مستوى الدولة لدعم منظومة العمل التطوعي، وهذا يعد دوراً اضافياً ستقوم به وسوف يكون على النطاق العربي اضافة إلى المحلي.
تناقص ملحوظ
أما سحر العوبد رئيسة مجلس ادارة جمعية متطوعي الإمارات فقد ارتأت ان العمل التطوعي في الدولة لا يزال يعاني من العزوف والتراجع رغم كل الفعاليات القائمة، لتناقص أعداد المتطوعين الذي يجهل كثير منهم المفهوم الصحيح لهذا العمل.
وأكدت ان قصور جمعيات النفع العام اجمالاً في الدولة عن تنظيم أنشطة تنهض بالعمل التطوعي وراء كون هذا العمل من دون الطموح المنشود والمأمول، فضلاً عن عدم ثقة الجهات الحكومية في الاستعانة بالمتطوعين المشهرين أساساً في كثير من الجمعيات ذات النفع العام، حيث تلجأ هذه الجهات حين تنظيم فاعلية ما إلى جلب متطوعين من جهات ما نظير منحهم مكافآت مادية عقب انتهاء الفاعلية، في حين أن المتطوعين التابعين للجمعيات يمكنهم المساهمة في أية أنشطة حكومية أو خاصة تقام من دون مقابل.
ونوهت إلى ضرورة النهوض بجمعية متطوعي الإمارات من خلال التوعية بدورها وأهميتها إلى جانب كونها الجهة الرسمية الوحيدة في تزويد الجهات المختلفة بالمتطوعين حال الحاجة إليهم، فضلاً عن ضرورة تنظيم محاضرات تعريفية لأفراد المجتمع حول أهمية وحتمية العمل التطوعي للنهوض به ولدفع الجميع للمشاركة فيه.
وأثنى د. جمال سعيدي مستشار جمعية الإمارات لحماية المستهلك على الجهود الحكومية المبذولة لتعزيز دور العمل التطوعي في المجتمع مما كان له صدى جيد من خلال تزايد اعداد المتطوعين في الجمعيات الذين منهم معاقون وصغار في السن وغيرهم، وقال: نحتاج في الفترة المقبلة بعد دخول الدولة إلى عالم التكنولوجيا المعلوماتية إلى الاستمرار في دعم العمل التطوعي للنهوض به، لا سيما وأن كثيراً من الجمعيات ذات النفع العام بدأت في وضع خطط استراتيجية للنهوض بهذا العمل وتحقيق الأهداف المرجوة منه وخاصة ان التطوع عمل لمرضاة الله تعالى.
وقال: أنا عضو في جمعية متطوعي الإمارات ولكني أستنكر عدم وجود برامج توعوية وتثقيفية في التطوع خلال الفترة الماضية وذلك لعدم تفاعل مجلس الادارة وانعدام الاجتماعات إلا في القليل النادر من الممرات مما لا يفي بالغرض المنشود من الادارة بما يتوجب اعادة التفاعل وطرح المشكلات التي يواجههات المجلس لحلها والنهوض ثانية بالجمعية.
مليون متطوع في اليابان واندونيسيا
تقدر القيمة الاقتصادية للتطوع ب 40 بليون جنيه استرليني سنوياً، فيما يتطوع في فرنسا 17% من السكان في اجازة نهاية الأسبوع، وذلك للعمل في مجالات الرعاية الاجتماعية والصحية ورعاية كبار السن والحفاظ على البيئة، فضلاً عن ذلك يوجد أكثر من مليون متطوع في اندونيسيا و1،2 مليون متطوع في اليابان.
من جانب ثان فمن واجبات المتطوع تنفيذ المهام المكلف بها بكفاءة وفاعلية، والالتزام بقواعد العمل الجماعي، والتعامل الانساني مع الآخرين، والمشاركة في النشاطات الخاصة بمجالات التطوع داخل وخارج الدولة.