دائما وأبدا المعلم أو المُعلمة يكونو القدوة الحسنة والمرشد الدال للطريق الصحيح للتعلم.
لذلك نهتم بالجانب الوعى الدينى لدى أطفالنا وهذا يتمثل فى الاناشيد وبعض عرض القصص
للتمهيد لأى نشيد…الخ
لذلك عند قراءتى لهذا الموضوع وجدته به إفادة كبيرة عن الاناشيد الدينية ونشأتها
ومن ضمن مسابقاتنا الخاصة بالتربية الموسيقية
(مسابقة الانشاد الدينى) لنتعرف على نشأة الانشاد الدينى مع هذا الموضوع …
"نشأته"
وللإنشاد الديني قصة تؤكدها كتب التراث وهي أنه مع ظهور الإسلام في مكة المكرمة، ثم هجرة الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – إلى المدينة المنورة، كانت الدولة الإسلامية قد بدأت ملامحها تظهر للنور، واستقرت أحوال المسلمين، وجعل الناس يقيمون فرائضهم، ويتحينون أوقات الصلاة بقراءة القرآن فيجتمعون لتأديتها، وكان لابد للمسلمين أن يفكروا في صيغة لدعوة المصلين لأداء الصلوات في أوقاتها، فاقترح بعضهم أن يوقدوا نارًا فاعتُرِض على هذا الاقتراح؛ لما له من شبه بنار الفرس التي كانوا يعبدونها ويتبركون بها، ثم أدلى بعضهم بفكرة أخرى وهي أن يُنادى للصلاة ببوق يُنفخ فيه فيسمعه المسلمون فرُفِض هذا الرأي أيضًا، وفي اليوم التالي اجتمعوا بالرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – وقص عليه عبد الله بن زيد – رضي الله عنه – رؤياه، وهي أنه سمع في منامه أذانًا يدعو للصلاة؛ فصدَّقه الرسول – صلى الله عليه وسلم – وأمره بالأذان ففعل، فلما سمع عمر – رضي الله عنه – الصوت أقبل على الرسول – صلى الله عليه وسلم – وقال: أولا تبعثون رجلاً آخر يصلح له؟، فلما فرغ عبد الله بن زيد من الأذان قال له الرسول – صلى الله عليه وسلم – : قم مع بلال فألقها عليه فليؤذن بها فإنه أندى منك صوتًا، فنادى بها بلال وظل يجود فيها كل يوم خمس مرات، ويرتلها ترتيلاً حسنًا بصوت جميل جذَّاب، ومن هنا جاءت فكرة الأصوات الندية في التغني بالأشعار الإسلامية، ثم تطور الأمر على أيدي المؤذنين في مصر والشام والعراق وغيرها من البلدان، وأصبح له قوالب متعددة وطرائق شتى.
أولاً: من حيث المقام الموسيقى كالراست، والبياتي، والحجاز، وكذا طريقة الأداء من حيث استخدام البعض للزخارف والحليات، وكذا ما يسمى بالعفقات الموسيقية.
ثانيًا: من حيث الإطالة والمد في بعض الحروف عند بعضها الآخر، أو عدمها في البعض الآخر، وكذا تغيير المقام الموسيقي أثناء الأداء وهو ما يسمى بالتحويلة الغنائية.
وتؤكد كتب التراث الإسلامي أن بداية الإنشاد الديني كان على أيدي مجموعة من الصحابة – رضي الله عنهم – في عهد الرسول – صلى الله عليه وسلم – ، ثم مجموعة من التابعين – رحمهم الله – الذين تغنَّوا بالرسول وخصاله وأفضاله .. وكانت قصائد "حسان بن ثابت" – شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم – هي المَعين الذي لا ينضب بالنسبة للمنشدين، ثم تغنَّوا بقصائد أخرى لغيره من الشعراء الذين كتبوا في موضوعات متنوعة منها: الدعوة إلى عبادة الله الواحد، ومنها ما يدعو إلى التمسك بالقيم الإسلامية وأداء الفرائض من صلاة، وزكاة، وحج إلى غير ذلك.
تطوُّر الإنشاد الديني
ثم تطور الحال بعد ذلك في الدولة الأُموية ليصبح الإنشاد فنًّا له أصوله، وضوابطه، وقوالبه، وإيقاعاته، واشتغل بهذا الفن عِلْيةُ القوم، إلى جانب فنون أخرى راقت لهم بعضها ألحانٌ عاطفية أو وصفية، والبعض الآخر ديني وصوفي.
وكان أكثر هؤلاء المشتغلين بفن الإنشاد الديني وتلحين القصائد الدينية، إبراهيم بن المهدي وأخته عَليَّة، وأبو عيسى صالح بن هارون الرشيد، وعبد الله بن موسى الهادي، والمعتز وابنه عبد الله، وعبد الله بن محمد الأمين، وأبو عيسى بن المتوكل، وعبد الملك بن مروان، وغيرهم كثيرون.
وتحكي كتب التراث في هذا الصدد أن "عبد الملك بن مروان" كان يشجع الموسيقيين ورجال الفن والإنشاد أكبر تشجيع، فيجزل لهم العطاء إن أجادوا، وكذلك كان الخليفة الواثق الذي كان يغني له إسحاق وإبراهيم الموصلي، وهما من أشهر الموسيقيين في العصر الأموي، وعبد الرحمن بن الحكم الذي ذاع في عهده صيت الفتى "رزياب" وهو تلميذ إسحق الموصلي، وغيرهم كثيرون ممن اشتهروا بغناء وتلحين القصائد الدينية، كل هذا ثابت وموجود في كتاب "شرح نهاية الأرب"، وكتاب "الأغاني" لأبي فرج الأصفهاني، و "عصر المأمون" للدكتور فريد رفاعي، ومقدمة كتاب "مؤتمر الموسيقى العربية" للدكتور محمود أحمد الحفني.
"الإنشاد في القرن العشرين"
جاء القرن العشرون وفي بداياته أصبح للإنشاد الديني والتواشيح أهمية كبرى، حيث تصدى لهذا اللون من الغناء كبار المشايخ والمنشدين الذين كانوا يحيون الليالي الرمضانية، والمناسبات الدينية، بصوت جميل نديٍّ يجمع المئات بل الآلاف من عشاق هذا الفن حوله، وتطورت قوالب هذا الفن فأصبحت له أشكال متعددة وأسماء كثيرة تمجِّد الدين الحنيف، وتدعو لوحدة المسلمين، وتشجب الرذيلة، وتدعو إلى الفضيلة، وتمدح رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وآل البيت.
"أشكاله"
وكان يتخلل هذا اللون من الإنشاد الديني كثير من الحوارات الغنائية الممتعة بين "المنشد الأصلي" – وكان يتمتع بصوت ساحر جميل- وبين مجموعة المنشدين من خلفه، وكان المنشد يتوسط الحلقة، ويلتف من حوله مجموعة "السنيدة" أو "المذهبجية" بعد ذلك، وكان المنشد يختار مقطعًا من القصيدة أو جملة يجعلها محورًا تدور حولها كل الردود من "السنيدة"، فيرددونها وراءه ثم يعودون إليها بعد المنشد، وكانت الوصلة الأولى يختار لها الشيخ المنشد مقامًا موسيقيًّا معينًا مثل "الراست" مثلاً أو البياتي، أو الحجاز، وغيرها، ثم يبدأ المنشد الوصلة بإبراز مواهبه في الأداء، وبراعته في التنقل بين المقام الأصلي ومشتقاته، وقدرته على إبراز الحليات والزخارف اللحنية، ثم يقوم المنشدون بعد ذلك بترديد المقطع أو الجملة المحورية التي بدأ بها القصيدة.
ثم تأتي الوصلة الثانية فيختار لها مقامًا موسيقيًّا آخر حتى ينوع في المقامات، وحتى لا يمل السامعون ويفعل ما فعله في الوصلة الأولى.
"أشهر المُنشدين"
ومن أشهر المنشدين في أوائل القرن الشيخ محمود المسلوب، الشيخ يوسف المنيلاوي، الشيخ أبو العلا محمد، الشيخ عبد اللطيف البنا، الشيخ سلامة حجازي، الشيخ محمود صبيح، وكان الإنشاد الديني في هذه الفترة يُغنَّى بدون مصاحبة آلية اللهم إلا بعض المشايخ الذين استخدموا المسبحة ينقرون بها على كوب من الماء ليحدث رنينًا جذابًا.
ثم تطور بعد فترة وجيزة ليصبح فنًّا له أصوله وأشكاله، ولا يعتمد على الارتجال وحده أو قوة الصوت وحده، بل يعتمد على الجمل اللحنية الجديدة والمبتكرة، وكذلك استخدام "اللزمات الموسيقية" والإيقاعات التي تناسب روح القصيدة.
فتكونت الفرق الموسيقية المصاحبة "للمنشد أو المطرب"، وكانت تسمى آنذاك "بالتخت" وهو يتكون من خمسة عازفين يسمونهم بالخماسي الموسيقي، وهم "العود – القانون – الناي – الكمان – الإيقاع"، ويجلسون على المنصة أو المسرح في شكل دائري يتوسطهم المنشد ومن خلفهم مجموعة المنشدين، وكانوا يبدءون السهرة بقالب موسيقي يسمى "البشرف" أو "دولاب" وهما عبارة عن مقطوعة موسيقية من مقام موسيقي معين "كالراست أو البياتي" مثلاً، ويحدث حوار موسيقي بين الآلات لإبراز مواهبهم في العزف، ثم يعودون إلى الجملة الأصلية المحورية في القالب الموسيقي.
التطور الأخير
انتقل الإنشاد من الارتجال والتطريب إلى التعبير والتأثير، فضلاً عن استحداث جمل تسمى "اللزمات" وإيقاعات متنوعة وجمل حوارية بين الآلات بعضها وبعض وبين المنشدين، وتكوَّنت فرق خاصة بأداء هذا اللون تسمى "فرق الموسيقى العربية" التي تتناول التراث الموسيقي والغنائي بأشكال وقوالب جديدة.
واستُحْدِث بعد ذلك لون هو وليد تجربة القصائد والأناشيد هو "الدعاء الديني"، وكان الدعاء الديني يُغنَّى بالفصحى أو بالعامية، ولا يزيد عن خمس دقائق ليكون جرعة روحية مكثفة ذات موضوع واحد.
حتى ظهر لون جديد يسمى "بالغناء الديني الشعبي" وهو فن يعتمد على دراما القصة في شكل غنائي يشبه الملحمة يحكي فيها المنشد قصص الأبطال التاريخيين أو يمدح رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ويحكي حياته وسيرته، وهذا اللون جذب إليه كثيرًا من البسطاء، وتقام له الليالي والموالد والأفراح، ومن أبرز من أدى هذا اللون الدرامي من المشايخ الشيخ محمد عبد الهادي وكذا الشيخ عبد الرحيم دويدار، والشيخة هنيَّات شعبان، الشيخة سعيدة عبدالرحيم.
ويأتي في مقدمة المشايخ الذين تخصصوا في الغناء الصوفي الشيخ/ ياسين التهامي، وله شرائط كاسيت يقتنيها المعجبون والعشاق الذين يجدون لهذا الفن صدى طيبًا في نفوسهم.
وكان للإنشاد الديني الفضل في تخريج دفعة كبيرة من ذوي الأصوات الجبارة الجميلة القوية المتمكنة والبارعة، على رأس هؤلاء يأتي الشيخ/محمد الطوخي، والشيخ/طه الفشني، والشيخ/سيد النقشبندي، ثم الشيخ/نصر الدين طوبار، والشيخ/محمد عمار، والشيخ/سعيد حافظ وغيرهم كثير.