تعتبر الإدارة التربوية في الوقت الحاضر من الأمور الهامة التي شملها التطوير، والتي لا يمكن إبقاءها تقليدية، ومن هنا كان لزاماً على الدول أن ترسم سياستها التربوية حسب معطيات العصر، وتختار قادتها التربويين القادرين على إدارة النظام التربوي بشكل فعال وسليم، مستخدمين الطرق والأساليب الإدارية الحديثة .
وانطلاقاً من الاتجاه الجديد لدور المدرسة وأهميتها كوحدة أساسية في بناء المجتمع وتطوره، لم يعد الناظر مجرد مطبق للنظام، ولا مجرد قائم على حفظ الأثاث أو مراقبه الواجبات المدرسية، بل تعدى ذلك وأصبح قائداً للمدرسة، ومالكاً للمهارات الأساسية ومتعمقاً بخلفية علمية وكفاءة ومقدرة إدارية، كما أصبح قادراً على التغيير والتحسين في التنظيم المدرسي، واعياً بالأهداف، وأصبح نجاح المدرسة إذا تجاوزنا النشاط متوقفاً على كفاءته الإدارية .
ورغم ذلك، فإن عملية القيادة الإدارية لا تتوقف على مدير المدرسة فقط مهما كانت صفاته، بل تتوقف أيضاً على أفراد الجماعة الذين يتعامل معهم القائد، وعلى مستوى العلاقات الإنسانية بينه وبينهم، ومن هنا يظهر دور القائد الإداري في خلق جسور من الثقة والدفء في العلاقات الإنسانية .
إن مدير المدرسة الفعّال هو الذي يستخدم مهاراته وخبراته في تطبيق الأساليب العلمية الحديثة للإدارة، بحيث تتناسب مع طبيعة العمل الإداري الذي يمارسه، وبحيث تصبح كفاياته رهناً برؤيته الواضحة لحركة التعليم وبنظرته المتكاملة إلى العملية التربوية
لذا نجد أن من التربويين رأى أن هناك مجموعة من المهارات الضرورية لمديرة المدرسة وأهمها :
" المهارات الذاتية، المهارات الفنية، المهارات الإنسانية، المهارات الإدراكية " .
أولاً : مهارات ذاتية وتكوينات نفسية :
وهي تشمل السمات الشخصية والقدرات العقلية والمبادأة والابتكار ، فطبيعة العمل الإداري الشاق تستوجب من مديرة المدرسة أن يتوفر لديها صحة جيدة وقوة ونشاط ،وقدرة على التحمل، حتى تستطيع أن تشيع الحيوية والنشاط في العاملين بالمدرسة، وأن تكون قادرة على ضبط النفس فلا تغضب بسرعة، صابرة متزنة، تدرس الأمور بعناية قبل أن تصدر الأحكام
كذلك عليها أن تمتلك عنصر الشعور بالمسئولية وقوة الإرادة ومضاء العزيمة والثقة والاعتداد بالنفس .
هذا في حين يعتبر الذكاء من أهم القدرات العقلية اللازمة للإدارة، وقد أثبتت كثير من الدراسات أن هناك صلة بين الذكاء والنجاح في القيادة، فالذكاء يجعل المرأة القائدة لديها بعد تصوري تتعرف من خلاله على المشكلات وتستطيع مواجهتها، كذلك الذكاء يمد الفرد بسرعة البديهة والفطنة ومواجهة الأمور بحزم .
كذلك من المهارات الذاتية للمرأة المديرة توفر عنصر المبادأة والابتكار، حيث تستطيع المرأة القائدة أن تكتشف عزيمة كل موظف وقدراته فتصل إلى أفضل السبل لشحذ عزيمة الموظفين للعمل وبث روح النشاط والحيوية في شرايين المؤسسة التربوية .
إن صفة المبادأة صفة مهمة للقائد التربوي حيث تمكنه من اتخاذ القرارات الصائبة، ومن هنا ضروري أن تتصف المرأة المديرة بالشجاعة والقدرة على الحسم وسرعة التصرف مع القدرة على ضبط النفس والاتزان ،ومعنى ذلك أن تستطيع المرأة أن تتحكم في عواطفها وإدارة نفسها بعيداً عن العصبية والتهور .
ثانياً : مهارات فنية ومعرفية :
يتسم العصر الذي نعيشه بالتغيرات والتطورات المتلاحقة في أساليب التعلم والتعليم، ومن هذه الزاوية يتحتم على مديرة المدرسة أن تكون ملمة بكثير من المعارف والمعلومات، بل أكثر من ذلك تعرف متى وكيف تحصل على ما تريد من المعلومات اللازمة من مصادرها، ولا تنتظر أن تصل إليها أو يزودها أحد بها، فهي نمتلك الروح البحثية دائماً، تسعى للتجديد والابتكار والإبداع .
ومن هنا لكي تكون المرأة المديرة ناجحة في عملها لا بد لها أن تكون لديها المقدرة على ربط الأمور الإدارية بالخطوط العريضة لسياسة السلطة، وأن تمتلك من المعارف ما يؤهلها لأن يكون لديها القدرة على اختيار أفضل الأساليب التي تكفل الحصول على أكبر قدر من الكفاية الإنتاجية، حيث تجمع ما بين التنظيم والتنسيق وتفويض السلطة .
هذا بالإضافة إلى أن تمتلك مهارات معرفية واسعة في علم النفس وأصول التربية كي تستطيع أن تساير الطبائع البشرية التي تتعامل معها .
إن مهارات مديرة المدرسة رهناً برؤيتها الواضحة لحركة التعليم ونظرتها المتكاملة والشاملة إلى العملية التربوية وعلاقتها بغيرها من المؤثرات الثقافية؛
ولذا فقد أكد حافظ على أهم المهارات الفنية الواجب توافرها لدى مديرة المدرسة وهي :
1- مهارات في تطوير المناهج الدراسية ، مهارات في تقويم الخطة التربوية وترجمة برنامج المدرسة إلى خطة واقعية، مهارات في تفويض السلطات
إضافة إلى ما سبق المهارة في اتخاذ القرارات، المهارة في القيادة ،المهارة في تفويض الصلاحيات .
2- ثالثاً : مهارات إنسانية :
وهي تعني فن التعامل مع البشر، والتعامل مع الناس على قدر عقولهم، فهي أولى المهام، بل وتعتبر مركز الإدارة التربوية، لأن الإدارة تتطلب باستمرار التعامل مع البشر على كافة مستوياتهم سواء داخل المدرسة (معلمين – طلبة – مشرفين – أذنة)، أو على مستوى
المجتمع المحلي بكافة مؤسساته والعاملين فيه، هذه المهمة تتطلب من مديرة المدرسة بصفتها قائدة للعلاقات الإنسانية أن تكون مطلعة بعمق في الطبائع البشرية وتستطيع توجيه تلك العلاقات الإنسانية بطريقة مدروسة ومحددة لتفعيل العملية التربوية، إذ نجد في المدارس الفاعلة أن القائد الإدراي يتمتع بنشاط دؤوب يستطيع أن يوجد مناخاً مدرسياً يتم التركيز فيه على الجوانب الأكاديمية، والسيطرة على البيئة الداخلية من معلمين وطلبة وموارد.
ويذكر (جون ويلز) مجموعة من المهارات يطلقون عليها مهارات المساواة، يمكن أن تستخدمها مديرة المدرسة في تحسين العلاقات الإنسانية وهي :
1- كل فرد مهم وكل واحد يحتاج إلى الاعتراف بجهده .
2- القائد ينمو حين تتوزع مهام القيادة .
3- القيادة يجب أن يشترك فيها الآخرون.
وعلى ذلك تتطلب المهارة الإنسانية أن تكون مديرة المدرسة لديها القدرة على بناء علاقات حميمة طيبة مع مرءوسيها، وذلك من خلال معرفتها بميول واتجاهات المرءوسين وفهم لمشاعرهم وتقبُل لاقتراحاتهم وانتقاداتهم البناءة، مما يُفسح المجال أمام المرءوسين للإبداع والابتكار وحسن الانتماء للمؤسسة التي يعملون فيه(المدرسة) .
إن العلاقات الإنسانية ليست مجرد كلمات طيبة، أو ابتسامات توزعها مديرة المدرسية بين الحين والحين الآخر سواء مجاملة أو غير ذلك ،بل هي فهم عميق لقدرات وطاقات ودوافع وحاجات البشر الذين تتعامل معهم، ومحاولة استثمار كل هذه الإمكانات لحفزهم على العمل بروح الفريق لتحقيق الأهداف المنشودة، " وتشير الأبحاث الحديثة في مجال الإدارة على أن فشل كثير من الإداريين في عملهم وفي تحقيق أهداف العمل مرجعة نقص في المهارات الإنسانية عندهم، أكثر من أن يكون قصوراً في مهارة العمل نفسه( ) " .
ومن هنا يتوجب على المرأة المديرة الواعية أن تحاول جاهدة أن تحد من تأثير النظرة السلبية للآخرين، وفي أقل تقدير تحاول أن تبقي هذا الأثر في مستوى بحيث لا يفسد عليها تصرفاتها فتقع ضحية للجهل، لذا يجب أن تكون متفتحة الذهن والعقل متوقدة الذكاء متواضعة، تشجع الآخرين على تحمل المسؤولية، لأنها تدرك أن الإنسان قادراً على تجاوز قصوره بالمثابرة والشعور بالقيمة الذاتية .
" مما لا شك فيه أن المديرين في كافة المستويات الإدارية لن تكتمل لهم مقومات الإدارة الناجحة ما لم يقفوا على حقيقة دوافع الأفراد سواء تلك الدوافع الشعورية أو اللاشعورية وحاجاتهم ومكونات وهياكل شخصياتهم الإنسانية واتجاهاتهم النفسية وقدراتهم وميولهم إلى جانب مستوى الذكاء والعمليات العقلية من إدراك وإحساس وتفكير( ) " .
ومن خلال العلاقات الإنسانية تكون مديرة المدرسة مسؤولة عن التغيير الفعّال للسلوك البشري للأفراد داخل المدرسة، فالإدارة الرشيدة تحاول استقطاب المحايدين والمنحرفين عن أهدافها وتغير اتجاهاتهم نحو التعاون والمشاركة ، " فالسلوك الإنساني يمثل أحد المحددات الرئيسية للكفاءة الإدارية وإنتاجيتها، والعوامل الأخرى المساعدة في العمل الإداري، إنما تكتسب أهميتها من خلال العمل الإنساني( ) " .
رابعاً : المهارات الإدراكية التصورية :
"تعني هذه المهارة مقدرة الإداري و القائد التربوي على رؤية مؤسسته ككل و على تفهمه و إدراكه شبكة العلاقات التي تربط وظائفها و مكوناتها الفرعية المتنوعة ، وكيف أن أي تغير في أي مكون فرعي سيؤثر و بالضرورة و لو بنسب متفاوتة على بقية المكونات الفرعية الأخرى التي يشتمل عليها النظام، كما تعني أيضا إدراك الإداري و القائد التربوي لشبكة العلاقات بين النظام الذي يعمل فيه و ما يرافقه من نظم اجتماعية أخرى " ( ) ، لذلك من الضروري أن تمتلك مديرة المدرسة رؤية واضحة للمدرسة التي تديرها وتفهم الترابط بين أجزائها ونشاطاتها، وبالتالي يتكون لديها فهم واضح لعلاقات جميع الموارد البشرية في المدرسة من (معلمين – طلبة – عمال – أذنة – وسكرتير، وأعضاء المجتمع المحلي) .
كذلك يجب أن يكون هناك تصور واضح لعلاقة المدرسة بالمجتمع المحلي، إضافة إلى معرفة واضحة بأوضاع هذا المجتمع التشريعية، الاقتصادية، الاجتماعية .
إن معرفة مديرة المدرسة لهذه الأمور ووجود تصور مسبق لديها تستطيع من خلالها استخدام مهاراتها الإنسانية في التعامل مع المجتمع المحلي، كما تستطيع من خلال تصوراتها وإدراكاتها المستقبلية أن تؤثر في مرءوسيها حيث تدفعهم إلى الإبداع والابتكار والمبادأة وتحمل المسئولية .
وعلى ذلك فإن إسهام مديرة المدرسة في تحقيق أهداف التعليم لا يقتصر على أدائها لواجباتها الروتينية فحسب، بل تُقدم على الإبداع والابتكار، في محاولة التغلب على مشكلات العمل المدرسي، وممارسة طرق وأساليب أكثر تطوراً في الأنشطة الإدارية والفنية التي تقوم بها، ومن هنا يجب أن تتصف مديرة المدرسة بالقدرة على تحمل الصعوبات والمخاطر، حتى تكون قادرة على اتخاذ قرارات تتسم بالجرأة والحسم .
هذا وتعقيباً لما سبق فهناك مواصفات لمديرة المدرسة يجب أن تتصف بها وهى خمس صفات للقائد الإداري الناجح وتتمثل في :
1-وجود حد أدنى من الصفات الذاتية، كالصحة والذكاء والقدرة على التحمل .
2- وجود قدر معين من الخصائص المكتسبة كالقدرة على الإقناع والاتصال والإحاطة بجوانب الأمور قبل البت فيها، والقدرة على إيجاد الحلول للمشكلات والثبات في مواجهة الأزمات .
3- توافر الجانب الأخلاقي في القائد الإداري ، وذلك باتصافه بالصبر والأمانة والشرف والنزاهة، الإخلاص والتفاني في العمل، حتى يصبح القدوة الحسنة لجميع العاملين في المنظمة.
4- تفهم الأهداف العامة، والعمل على تحقيق المصلحة العامة وتنفيذ السياسة العامة للدولة.
5- توافر قدر معين من المهارات والخبرات فيما يتعلق بالعمل الذي يتولى القيادة في عاليه( ).
و بشكل عام فإن المهارات الأربعة السالفة الذكر هي مهمة و ضرورية للقائد التربوي حيث يستطيع أن يوظف مهاراته هذه بشكل يستطيع أن يحقق فاعلية النظام الذي يعمل فيه و ذلك من خلال تفاعل النظام مع المتغيرات التي يعايشها