المعلم في كل زمان و مكان هو رمز قوة الأمة و عنوان حضارتها ، و كم أمة بلغت المعاني و لامست عنان السماء بسبب حبها لمعلميها و تقديرها لهم و احترام و تليين كل العقبات أمامهم بغية تفريغهم لما هو أهم و هو تعليم الأجيال و تنويرها …
و متى بدأ العد التنازلي في انتقاص شأن المعلمين ، و عدم احترامهم فإن نذير الخطر قد دق ، و لكم أدهش هذه الأيام عندما أرى المعلم أصبح أضحوكة في وسائل الإعلام ، و حتى تلك المسلسلات و المسرحيات التي تسمى أعمالا فنية على ضوء المثال لا الحصر مسرحية " مدرسة المشاغبين " و تتخذ من المعلم مادة دسمة للضحك و السخرية بل في أحيان كثيرة تصوره بأنه الشخص الأقرب للسذاجة منه لأي شيء آخر ، و لقد انعكس ذلك سلبا و للأسف الشديد على الكثير من المجالس و بالأخص مجالس الشباب الذين أصبحوا يتفكهون بنوادر المعلمين ، و ينسجون حولها الأقاويل و الأساطير بغية إضاعة الوقت تارة و التفكّه تارة أخرى !
و السؤال يطرح نفسه هنا …
هل هذه النظرة صائبة لمعلمينا ؟ ..
هل هان علينا المعلم إلى هذا الحد ؟!
هل فرغت الساحة من كافة القطاعات ، و لم يبق إلا قطاع التعليم مدعاة للسخرية و الفكاهة ؟ !
أم أن القطاعات الأخرى أكثر قداسة و احتراما من التعليم نفسه !!
أليس هم من أوصلهم إلى ما هم فيه !!
و السؤال الحقيقي الذي يحير الجميع .. كيف يكون حال الطلاب إذا أشبعوا بهذا النوع من الأفكار ؟
و من هو المستفيد من ترسيخ مثل هذه الصورة عن المعلمين في أذهان المجتمع ، و الإجابة الواضحة أمامي هي أن الشيء الذي جعل شبابنا يحقر المعلمين على هذا النحو هو ما أشبعوا به من أفكار سيئة عبر ما سمعوه ، و ما شاهدوه عبر وسائل الإعلام الأمر الذي جعلهم يقتنعون بفكرة معينة دون أن يشاهدوها ، و أنا هنا لا أدافع عن المعلمين ، و لكن أخشى أن يتفاقم الوضع حتى يخرج عن السيطرة …
فالمتعلم وهو أحد العناصر التعليمية التي تشمل " المعلم / المتعلم / المنهج " وهو – أي المتعلم – من تعد له المناهج وفقا لحاجاته السلوكية و الخلقية و الروحية حسب ما تستهدفه أهداف التربية الخاصة و العامة .. يكون المتعلم هو الركيزة الأساسية التي تنطلق منها و تصب فيها عملية التعليم برمتها ..
أما المعلم فإنه يساهم بشكل كبير في صنع شخصيته و ترسيخ صورته لدى أبنائه التلاميذ ، تتضح هذه الصورة و تظهر منذ اليوم الأول للدراسة ، فإما أن يعطي المعلم انطباعا إيجابيا عن شخصه ، أو للأسف قد يكون هذا الانطباع سلبيا ، و قد يأتي الانطباع السلبي من سوء معاملة المعلم لتلاميذه أو عدم احترامهم أو عن طريق القسوة عليهم بالضرب و نحوه ، كل هذه الأمور قد تؤدي إلى تشويه صورة المعلم لدى تلاميذه ، و على العكس من ذلك قد يكون المعلم بشوشا لين الجانب ، لبقا في حديثه ، وواثقا من نفسه مما يساهم في خلق صورة إيجابية لدى التلاميذ منذ اليوم الأول …
فالأيام الأولى للدراسة تكتسب أهمية خاصة فيما يتعلق بتحديد العلاقة بين التلاميذ و معلميهم ..
و إذا نظرنا إلى المعلمين و هم يؤدون عملهم فهم مابين معلم محب لعملة ومقدرا لقداسة هذه الرسالة التي يحملخا ومابين فئة لامباليه و هذا ما نرفضه ..
فنجد نماذج لايرغب الطالب بها و التي توجد بين المعلمين:
المعلم العاطفي:
و يستجيب تلاميذه بعاطفة مفرطة بعيدة كل البعد عن العقل..
المعلم الساخر : و يكون مغرورا متكلفا يشعر بأن لديه ثقافة عقلية رفيعة – بالنسبة لثقافة التلاميذ – و ينظر إلى المادة التي يقوم بتقديمها إلى التلاميذ بشيء من السخرية و الاتفاهة ..
المعلم السادي :
و يسيطر عليه التشاؤم فهو يعتقد أن كفة الشر هي الراجحة في هذا العالم و يتميز باتجاهات سالبة نحو تلاميذه بصفة خاصة فهم الضحية في النهاية ..
المعلم المحب للظهور و الاستعراض:
معجب بنفسه و ينظر إلى الموقف التعليمي على أنه فرصة لإظهار قدراته و مهاراته فهو يستخدم الفصل كخشبة مسرح ..
المعلم أحادي النظرة ضيق الأفق
وهذا النوع ينظر إلى العالم من منظور واحد يجعله ضيق الأفق مما يؤدي به إلى التحامل و التعصب و التحيز و إصدار أحكام مسبقة مما يؤثر بشكل سيئ على سير العملية التعليمية ..
المعلم الملقن:
يعتقد أن دوره يعتمد على تلقين التلاميذ مجموعة من المعارف و الحقائق العلمية ..
المعلم الموظف : و هذا النموذج يعتبر التدريس وظيفة لكسب العيش ، بمعنى آخر أن الأجر هو الذي يوجه عمله فيعمل بقدر ما يحصل عليه من أجر و يتخلى عن دوره باعتباره صاحب رسالة …
إن شعور الطالب بأهمية ما يمكنه القيام به و تشجيعه على ذلك يجعله أقدر على الشعور بالحاجة إلى التحسن و بالتالي تغيير نظرته لمعلميه …
و عن احتياجات المعلم إنه بحاجة ماسة إلى تمثل القدوة . و هذه القدوة للأسف الشديد بمفهومها المحدد هي في الواقع غائبة و في أحسن الفروض هي غائمة و مهزوزة في وعيه و خصوصا في ظل إدارات مدرسية يغلب على بعضها منطق التعسف و السلطوية في الأداء …
صفات المعلم الناجح الذي ممكن أن يقتدي به الطلبة
إن المعلم هو حجر الزاوية في العملية التعليمية بل هو بمثابة القلب النابض في جسد الحياة المدرسية و ما حولها ، و إذا سلمنا بأن التربية في جوهرها هندسة بشرية فإن المعلم بناء على ذلك يصبح أهم مهندس بشري لأنه يبني العقول البشرية و على أكتافه تقع المسؤوليات الكبرى في بناء أفراد الأمة ..
وقبل ان تناول صفات المعلم الناجح ..
يجب الإشارة إلى الصفات الواجبة في المتعلم تجاه هذا المعلم و المربي الفاضل
1- أن يتصف المتعلم بالتواضع و النظر إليه بعين الإجلال و العظمة
2- أن يعرف لمعلمه حقه و لا ينسى له فضله
3- أن يجلس بين يدي معلمه جلسة الأدب و الاحترام
4- أن يذعن لنصيحته إذعان المريض الجاهل للطبيب المشفق الحاذق
5- أن يثابر على تحصيل العلم و ألا يضايق أستاذه بكثرة الأسئلة
6- يجب أن تسود المحبة بين المتعلم و المعلم
7- أن يبدأ أستاذه بالسلام و يقلل بين يديه الكلام و لا يسأل جليسه في مجلسه …
صفات المعلم الناجح ..
– الحلم من أهم صفات المعلم الناجح هي صفةالاتزان و الحلم و عدم الغضب و التخلي عن الصفات المرذولة و التحلي بالصفات المحمودة و أن يكون كالبدر حين يظهر في عالم الناس ..
– العلم من الأمور التي لا يختلف فيها اثنان أن المعلم و المربي ينبغي أن يكون عالما و على دراية كافية بالمجال الدراسي الذي يقوم بتدريسه و أن يكون لديه خلفية عن سيكلوجية التعلم و العملية التربوية ..
– أن يكون دقيقا و متحكما في انفعالاته جديرا بالثقة دون دوم الإشراف عليه ، لبقا في حديثه و واثقا من نفسه و يخلق جوا يساعد على التعلم و يقمع السلوك غير الاجتماعي …
– أن ينتهز كل فرصة لكي ينصح فيها طلابه المتعلمين و إرشادهم و أن يكون النصح بالإشارة و التلميح لا بالتصريح و بطريقة الرحمة ، لا بالتوبيخ و أن يراعي اختيار المادة السهلة الواضحة و ألا يشعر طلابه بأنهم ضعفاء و أغبياء حتى لا يؤثر ذلك في نفوسهم تأثيرا سيئا …
كل ما أتمناه و يتمناه جميع المخلصين و المحبين للعلم و المعلمين هو احترام المعلمين و تليين الحديث معهم …
أسأل الله لي و لإخواني المعلمين و المعلمات التوفيق و السداد و الرفعة في كل الأمور ، و أن يجعل ما يقومون به من اعمال جليلة لتنشئة الأجيال الصالحة في موازين حسناتهم ………
الكاتب .. المظلوم
جميل جداً هذا الموضوع الطيب ..
باركَ الله فيكِ عزيزتي ..