رحلتي مع الإرشاد ( 32)
لايزال اللبس يسيطر على البعض حول الفرق بين عمل المرشد الطلابي والاختصاصي الاجتماعي وهل عملهما واحد ؟ طبعا هناك فرق بين الاختصاصي الاجتماعي والمرشد الطلابي ، مع أن الإرشاد استعار دراسة الحالة من الخدمة الاجتماعية ، هما يتفقان بأن كلا منهما خدمة للفرد وموضوعهما دراسة السلوك الإنساني ولكن الاختصاصي الاجتماعي يرى أن علاج مشكلة الفرد تكون بالتأثير في بيئة الفرد ، فمتى ما تحسنت بيئة الفرد زالت مشكلته أو خفت معاناته ، أما المرشد الطلابي فهو يرى أن المشكلة في ذات الفرد وأنه يتعرض إلى ضغوط نفسية ، تؤدي به إلى أنه ينظر إلى ذاته بدونية وشعور بالذنب وعدم ثقة في النفس ، وأن مسئولية المرشد إعادة بناء شخصية الفرد ولكن الذي يقوم بإعادة بناء شخصية الفرد المسترشد نفسه بمساعدة المرشد ، إذا الاختلاف بينهما اختلاف في التوجه اختلاف في التأهيل وأنا في نظري أن كلا منهما مكمل للآخر ، مع أن الاختصاصي الاجتماعي في أمريكا مختلف تماما في عمله عن المرشد المدرسي وأنا قلت المرشد المدرسي لأنه لايوجد مسمى مرشد طلابي إلا لدينا في المملكة العربية السعودية ، أما الاختصاصيون الاجتماعيون في أمريكا فيعملون في دور الأحداث والسجون ودور العجزة وتتجسد مهامهم عند نزول الكوارث والأحداث والحروب ومساعدة المحتاجين والمعوزين والمسنين والأحداث وأسر المسجونين 0
في الحقيقة لايزال مفهوم الإرشاد فيه غموض ، مع أنه عمل إنساني ، إلا أن الخلاف من يقوم بهذا العمل ؟ وأنا في نظري أن أقرب التخصصات لعمل المرشد الطلابي في المدرسة تخصص علم النفس والخدمة الاجتماعية ، على أن يدرب الاختصاصي الاجتماعي على كيفية تطبيق الاختيارات النفسية على الطلاب وعلى كيفية الاستفادة من نظريات الإرشاد التي تفسر السلوك الإنساني ، اعتقد أن الاختصاصي الاجتماعي بحاجة إلى دورات تركز على تقنيات الإرشاد ، ولقد نظمت بعض الجامعات دبلوما في الإرشاد للمرشدين في المدارس ، ولكن هذا الدبلوم تعثر كثيرا لعدة أسباب ، السبب الأول أن الجامعة اشترطت للالتحاق بهذا الدبلوم أن يكون المتقد م ممن حصل على شهادة البيكالريوس في علم النفس أو الخدمة الاجتماعية ، ولكن وزارة التربية والتعليم لم تلتزم بهذا الشرط فتوقفت الجامعات عن العمل بهذا الدبلوم ، المشكلة الأخرى في هذا الدبلوم ، أن من درسوا في هذا الدبلوم وحصلوا على شهادته كانت دراستهم نظرية فالجانب الميداني والتطبيقي فيه ضعيف جدا والمرشد بحاجة ماسة إلى التدريب الميداني أكثر من حاجته إلى التنظير ، كما أن عددا كبيرا ممن حصلوا على هذا الدبلوم لم يمارسوا الإرشاد في المدراس بل عادوا إلى مدارسهم وكلاء أو مديرين ، كأن هذا الدبلوم هو الأمل الوحيد للمرشدين لكي يستفيدوا منه في مجال عملهم ولكن مع الأسف كانت النتيجة غير طيبة 0
أتذكر أن هناك اقتراح بفتح قسم خاص بكليات المعلمين يلتحق به الدارسون من المعلمين الذين لم يكملوا أربع سنوات في دراستهم بكلية المعلمين وتكون مدة الدراسة في مجال الإرشاد سنتين يحصل بعدها الدارس على البيكالريوس في الإرشاد من كلية المعلمين ، وحصل أخذ ورد حول هذا الموضوع ، ولكن كالعادة الموضوعات المهمة والهادفة تقبر في التراب ولا ترى النور مثل اختبار وكسلر للأطفال والبالغين الذي تبنته مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ، وأشرفت عليه جامعة الملك سعود /قسم علم النفس وخسر عليه مبالغ طائلة ولكن ما النتيجة؟ 0
طرح أحد الإخوة المرشدين في المنتدى فكرة مناقشة حالة ما حدثت في مدرسته وطريقته في علاجها وأحب هو أن يعرف رأي الزملاء من مختصين وغيرهم في طريقة علاجه لهذه المشكلة ، وقد قمت بالردعليه كالتالي :
الأخ الكريم / مرشد طموح —————– أشكرك من الأعماق على هذه الفكرة الرائعة وهي استعراض بعض الحالات والمواقف التي تحدث في المدرسة وكيفية تصرف المرشد معها ، ربما أحد الإخوان يطرح فكرة تساعد في حل بعض مشكلات الطلاب ، أرجو من الإخوان المرشدين والأخوات المرشدات المبادرة بعرض بعض ما يواجههم في المدرسة من مشكلات ، لإمكانية مناقشتها في هذا المنتدى العملاق ، لكني أرجو من المرشد الذي يطرح المشكلة ويبين طريقة علاجه لها الا يتسرع في العلاج قبل فهم المشكلة تماما ففهم مشكلة الطالب أهم من العلاج نفسه ، ربما يبدأ أحد المرشدين أو المرشدات بعلاج مشكلة خطأ فيكون مثل الذي أراد طبه فأعماه ، ربما تصرف الوكيل أو المرشد تصرفا يؤدي إل تفاقم المشكلة ، فالمشكلات التي تحدث بين الطلاب أو الطالبات حساسة جدا ينبغي التريث في علاجها ، كما أنه يجب على المرشد الذي يطرح مشكلة ما ويوضح طريقته في علاجها ألايزعل حينما يوجه له بعض النقد في أسلوبه أو طريقته يجب أن تكون الروح التي نناقش بها مشكلاتنا روحا علمية تقبل النقد والنقاش الهادف،وتقبل مني خالص الود والتقدير 0
أعظم معاناة كنت قد عانيتها عندما كنت رئيسا لقسم التوجيه والإرشاد بالإدارة العامة للتربية والتعليم بالرياض ، شعوري أنني رئيس لقسم القبول والتسجيل وليس لقسم التوجيه والإرشاد ، فكنا نعاني أنا زملائي من وضعنا السيئ في القسم ، فالمشرفون في القسم لايمارسون عملهم الفني الإرشادي الصحيح مع المرشدين لقلتهم وعدم تفرغهم ، فعملهم في القسم عمل إداري بحت ، المشكلة الحقيقية عندما يحيل إلينا مدير شئون الطلاب مشكلة طالب ويطالب دراستها بدقة والجو الإرشادي معتم والمشرف لايستطيع دراسة حالة طالب ما فالطلاب المعيدون يحتاجون لدراسة أسباب إعاد تهم ألا يوجد لديهم مشاكل لم تحل فأثرت على دراستهم فلم يستطيعوا النجاح ؟، ألا يوجد بين الطلاب من يعاني من مشكلات نفسية واجتماعية تحتاج إلى دراسة؟ ، أعمال القسم لاتخرج عن إرسال تعاميم للمدارس ونقل المرشدين وتوجيههم للمدارس وتنظيم زيارات المشرفين للمدارس وتقويم المرشدين وتلقي ما يرسل للقسم مثل إعطاء فرصة ثالثة لطالب معيد سنتين ، وتوزيع النسبة نسبة غير السعوديين ،وتلقي سيل من التعاميم من الوزارة والتي تأمر بالتنفيذ ( الوزارة تخطط وا لإدارات التعليمية تشرف والمدارس تنفذ) فمشاكل شئون الطلاب تصب في قسم التوجيه والإرشاد مع قلة الإمكانات والصلاحيات ، هذا وضع قسم التوجيه والإرشاد عندما كنت رئيسا له ، أما اليوم فلا علم لي بظروف القسم ولعل الحال قد تغيرت يامغير الأحوال ، والله المستعان 0
والسموحة