مريم الرومي: البرنامج يأتي في إطار تفعيل قانون حقوق ذوي الاحتياجات
«الشؤون» تطلق برنامج علاج ذوي الإعاقة بواسطة ركوب الخيل
كشفت وزارة الشؤون الاجتماعية عن مشروع جديد لتأهيل وعلاج المعاقين بواسطة ركوب الخيل في مراكز رعاية وتأهيل المعاقين على مستوى الدولة ومراكز المعاقين الخاصة بهدف تطوير أساليب الرعاية النفسية والاجتماعية والتأهيل العلاجي لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة.
ويبدأ تطبيق المشروع في مركز دبي لرعاية وتأهيل المعاقين بالتعاون مع شرطة دبي التي ستقوم بتوفير الخيول المناسبة. وتدرس وزارة الشؤون الاجتماعية حاليا إنشاء مركز خاص في دبي لعلاج المعاقين بركوب الخيل. وقالت معالي مريم الرومي وزيرة الشؤون الاجتماعية في تصريحات خاصة ل«البيان» إن مشروع برنامج علاج المعاقين بركوب الخيل يأتي ضمن توجه الوزارة في إطار مبادراتها لرعاية وتأهيل ذوي الإعاقة وتفعيل القانون الاتحادي رقم 29 للعام 2022 في شأن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة.
كما أنه يأتي تماشياً مع استراتيجية الحكومة الاتحادية التي أطلقها صاحب السمو محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وانسجاماً مع الأهداف الاستراتيجية لوزارة الشؤون الاجتماعية من خلال سعي إدارة رعاية الفئات الخاصة إلى تطوير البرامج التأهيلية والعلاجية للأشخاص ذوي الإعاقة وفق أفضل الأساليب والبرامج المجربة عالميا،والتي أثبتت الدراسات والأبحاث فاعليتها في تطوير قدرات ومهارات المعاقين وتحقيق النمو الجسمي والاجتماعي والتوازن النفسي لهم، لإعدادهم كأشخاص قادرين على القيام بمهاراتهم الحياتية اليومية باستقلال وعلى المشاركة والاندماج في المجتمع.
تطبيق المشروع
وتعتبر وفاء بن سليمان مديرة إدارة الفئات الخاصة بالوزارة مشروع برنامج العلاج بركوب الخيل للأشخاص ذوي الإعاقة إحدى المشروعات الرامية إلى تطوير أساليب الرعاية النفسية والاجتماعية والتأهيل العلاجي لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، تحقيقاً لمجموعة من الأهداف العلاجية للأشخاص المعاقين، في مراكز تأهيل المعاقين التابعة للوزارة،
حيث تم البدء بهذه التجربة بشكلها المصغر في مركز دبي لتأهيل المعاقين، وأدى نجاحها إلى رغبة الوزارة بتعميم التجربة على بقية المراكز والتي من بينها مركز عجمان لتأهيل المعاقين، ليشكل هذا البرنامج العلاجي بعد تطويره خطوة رائدة وسباقة في الاعتماد على أحدث نظم تأهيل المعاقين في الدولة، وخروجاً عن أساليب العلاج الطبيعي والوظيفي التقليدية.
وتوضح وفاء بن سليمان أن الدراسات المتخصصة تفيد أنه يمكن للمعالج المختص بالعلاج الطبيعي أو الوظيفي الاستفادة من الخيل وخصائصها الكثيرة وحركاتها الإيقاعية لتزويد الشخص المعاق أو المريض بالمثيرات الحسية والحركية اللازمة،
بهدف تطوير الوظائف والمهارات الحسية والعصبية ما ينعكس بشكل ايجابي على مدى واسع من نشاطات الحياة اليومية عند الشخص المصاب، حيث يمكن عن طريق الخيل تحقيق مجموعة من الأهداف العلاجية عند المعاقين أهمها تطبيع التوتر العضلي وتطوير قوة العضلات
وتحسين وضعية الجسم، وتطوير المهارات الحركية في عضلات الجسم كعضلات الساقين والجذع، والتحضير لنشاطات حركية لاحقة عند الطفل المعاق مثل التحضير للحبو أو الجلوس او المشي أو الوقوف وتطوير التوازن.
وتطبيقاً لمشروع العلاج بركوب الخيل بشكله الموسع، تشير وفاء بن سليمان الى أنه سيجري التعاون مع القيادة العامة لشرطة دبي لتقديم خدمات العلاج بركوب الخيل للأشخاص ذوي الإعاقة، بهدف مساعدتهم حيثما أمكن من الناحية العلاجية،
عبر تقديم برنامج علاجي متكامل، بما يتناسب مع قدرات المعاقين وطبيعة إعاقاتهم وأعمارهم، واحتياجاتهم من البرنامج العلاجي، وسوف تقوم وزارة الشؤون الاجتماعية وعن طريق اختصاصيي العلاج الوظيفي والطبيعي التابعين للوزارة بتقييم وتحديد حالات الإعاقة التي تلائمها خدمات العلاج بركوب الخيل، ومتابعة تطورها واستفادتها،
وبتوفير المكان المناسب الذي سيتم تنفيذ البرنامج التدريبي فيه، عوضاً عن إطلاع أولياء الأمور على هذا البرنامج العلاجي من حيث أهدافه وإجراءاته، وإطلاع المجتمع حول هذه التجربة وأهميتها والفوائد المتحققة منها، ومن ثم إجراء البحوث والدراسات في مجال البرامج العلاجية لركوب الخيل وأثرها على الأطفال ذوي الإعاقة.
ويتم التعاون مع شرطة دبي عبر توفير الخيول التي سيتم تنفيذ البرنامج عن طريقها، وتوفير متطلبات رعايتها والإشراف عليها بعد تأهيلها وتدريبها، الأمر الذي سيساهم في تطوير برامج تأهيل المعاقين في الدولة،
وتقديم نموذج راقٍ ومفيد للأشخاص ذوي الإعاقة يستند على أسس علمية، إضافة إلى توفير المدربين المختصين في مجال ركوب الخيل من أجل القيام بالبرنامج العلاجي وتنفيذه.
لماذا الخيل؟
وعن أسباب اختيار الخيل للبرنامج العلاجي تقول مديرة إدارة رعاية الفئات الخاصة، أن الخيل تتميز بسمات وصفات عدة لا توجد في حيوانات أخرى، وهذه الخصائص جعلت من الخيل وسيلة وأداة تدريب ذات خصائص مميزة لا تتوفر في وسائل علاجية أخرى بحيث يمكن الاستفادة من هذه الخصائص لتعزيز وتطوير مختلف القدرات عند الشخص المعاق وتزويده بخبرات حسية وحركية جديدة لا يمكنه الحصول عليها دون استخدام الخيل.
إضافة إلى التحفيز الحسي الذي يتوفر في الخيل نتيجة الحرارة المنبعثة من الحصان والتي هي أعلى من حرارة جسم الشخص المعاق، ما يؤدي إلى مدخلات حسية كثيرة، الأمر الذي يدفع راكب الحصان إلى بذل جهد أكثر للحفاظ على توازنه والإبقاء على وضعية جسمه بشكل مناسب، وبالتالي تحريك مجموعة من العضلات أو محاولة تنشيط حركتها بشكل تلقائي، وتطوير المدى الحركي في المفاصل، وتحسين عملية التنفس وتطوير التناسق البصري الحركي.
المستفيد من المشروع
أما عن الإعاقات المستفيدة من البرنامج العلاجي بواسطة ركوب الخيل توضح بن سليمان أن الخيل يستخدم عادة في علاج الأشخاص المصابين بإعاقات وأمراض مزمنة بحيث يقوم على عدة أسس أهمها الاستفادة من السمات والخصائص التي تتصف بها الخيل بطرق وأساليب ونشاطات علاجية وتعليمية وترفيهية للتأثير على الجوانب النفسية والجسدية
والإدراكية عند الأشخاص الذين يعانون من أمراض وإعاقات جسدية وحسية وعقلية واضطرابات عاطفية وسلوكية مختلفة، ويقوم بهذا العلاج شخص مؤهل علميا ومتخصص ومدرب بشكل خاص على استخدام الحصان لأهداف علاجية تناسب طبيعة المشكلة التي يعاني منها الشخص المعاق أو المريض.
وتضيف إن 70 من الحالات المسجلة من ذوي الإعاقة لدى الوزارة سوف تستفيد من البرنامج خاصة الأطفال المصابين بالشلل الدماغي بأنواعه المختلفة وإصابات الدماغ، وذوي الإعاقة العقلية بمختلف مستوياتها وخاصة متلازمة داون، وذوي التأخر النمائي، مضيفة إلى أنه يمكن تطوير البرنامج فيما بعد ليشمل المصابين بإعاقات بصرية،
واضطرابات سلوكية كضعف الانتباه والحركة الزائدة، علماً أن هذا البرنامج سوف يخدم المعاقين في إمارتي دبي والشارقة، ويشرف عليه اختصاصي علاج طبيعي بمشاركة اختصاصي للعلاج الوظيفي وممرضة ومساعدين، إلى جانب المدرب المعتمد من الإدارة العامة لشرطة دبي.
وتشير الكثير من الدراسات والأبحاث العالمية التي قام بها اختصاصيو العلاج الطبيعي والوظيفي بعد استخدام الخيل كوسيلة علاجية، أن الخيل يتميز بأنماط حركية أثناء المشي تحاكي أو تشبه إلى حد كبير الأنماط الحركية عند الإنسان المتمتع بقدرات حركية عادية،
وتوصف حركة الحصان على أنها ثلاثية الأبعاد، فالحصان يتحرك إلى الأمام والى الخلف وإلى الأعلى، مما يؤدي إلى تحريك مجموعة من عضلات الجسم، وهذه الحركة من شأنها أن تحدث ردود فعل حركية في مجموعة من عضلات الجسم وبشكل خاص في عضلات الحوض والجذع وعضلات أسفل الظهر عند الشخص المعاق،
ويشير الباحثون أيضاً أن حركة الحصان تزود الشخص المعاق بمدخلات حسية متنوعة وذات إيقاع خاص وبتكرار لا تتوفر في حيوان آخر، الأمر الذي يؤدي إلى تحفيز الاستجابات الحركية عنده وخاصة في عضلات الجزء الأسفل من الجسم،
ويعزز التناسق الحركي بين مجموعة من العضلات، إضافة إلى عضلات الجذع والتحكم بالرأس وتطوير العضلات الدقيقة في أصابع اليدين، وعضلات الحوض والورك والرجلين، وتخفيض الشد أو التشنج العضلي،
وذلك عدا أن ركوب الخيل يمثل متعة من نوع خاص ويزود الطفل أو الشخص المعاق بخبرات تعليمية وإدراكية لا يمكن توفيرها باتباع طرق علاجية أخرى، ناهيك عن تأثيره على الناحية النفسية والتواصل الاجتماعي مع أشخاص مختلفين وزيادة الاهتمام بالعالم الخارجي، وتطوير الثقة بالنفس والنمو العاطفي وتحسين صورة المعاق عن ذاته.
دبي ـ عادل السنهوري