لا يختلف اثنان على أهمية التفكير ومهارات التفكير, حيث يدرك كل من يعمل في حقل التربية والتعليم أن التفكير ومهاراته هدف هام ومن أهم أهداف التربية والتعليم, ولا ترجع أهميته لسبب واحد بل لأسباب كثيرة, ويكفى دور هذه المهارات في تحسين مخرجات التعليم, وهي أساس تحقيق بقية أهداف التربية والتعليم وبالتالي تطوير قدرة الطالب على التفكير الهادف والمنتج وهذه أولوية في العمليّة التعليميّة التعلّميّة.
أما الأمر الآخر الذي المتعلق بمهارات التفكير ولا خلاف عليه عند التربويين أن مهمة المؤسسات التربوية والتعليمية ليست حشو المعلومات.
إلا أن هذا الإجماع بقي يراوح مكانه في الجانب النظري, وفي ساحات النقاش والحوار وقاعات المحاضرات -التي تتحول إلى خطب لا أكثر- وفي معرض الدفاع عن الذّات عندما نريد أن نبعد عن أنفسنا صفة -الحشو والتلقين- أو عندما نريد أن نعرض أو نستعرض (الحشو), في واقع يقول عنه خبراء التعليم " إن المعلومات فيه تتغير كل عامين, فتصبح المعلومات بعد عامين قديمة وقد لا نحتاج إليها" , وربما في ظل التضخم المعلوماتي الذي نشهده اليوم –مع وجود الكمبيوتر والإنترنت- والتسارع التقني المستمر والمتعملق أقول ربما سنجد في نهاية كل عام أن المعلومات التي حصلنا عليها في بدايته أصبحت قديمة ولا نحتاج
إذن نحن بحاجة إلى قناعتنا بمهارات التفكير في الميدان ( الجانب العملي), وأن نبتعد حقيقة عن حشو عقول الطلاب بالمعلومات فقط, وأن نركز على المهارات إلى جانب المعلومات, وهذا متاح بقوة في المناهج المطورة – الجديدة -, فقد جاءت ثرية بمهارات التفكير, ومع أن الجميع يطالب بالتركيز على مهارات التفكير إلا أننا نعود في واقع الممارسة إلى مستويات التذكر والمعرفة والفهم فقط, وهي مهمة ولكن لا بد من الارتقاء إلى المستويات الأخرى مثل: التحليل, التطبيق, الترتيب والمقارنة, وننطلق إلى الإستراتيجيات مثل: حل مشكلة, إصدار حكم واتخاذ قرار.
إن الوقوف عند المستويات- الثلاثة – الأولى, معناه جمود خطر ينعكس على مخرجات التعليم, ويبقى تحسين هذه المخرجات مجرد رغبة فقط في نفس من اكتفى بالمستويات الثلاثة.
فعلينا أن نترك احتكار وقت الحصة لنظل نتكلم والطالب يسمع ويسمع إلى درجة الخمول والملل.
وعلينا أن نتنازل عن مرتبة صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في الفصل, فنسمح بالحوار والتعبير بحرية, ونتيح فرصة للتفكير والسؤال مع الاحترام, فتتوفر بيئة صفية آمنة لطلابنا.
وعلينا أن نحد من رغباتنا في تعليم الطالب ما نريد في موضوع ما, لنتعرف على ماذا يريد وماذا يتوقع أن يتعلم في ذات الموضوع, وبالخبرة والمهارة نمازج ونحقق الرّغائب كلها في سياق المنهاج.
وعلينا أن لا نكتفي ( بصدى ذاتنا ) في عدد قليل من طلبة الفصل, بل نتأكد – بتصميم وعزيمة – أن الجميع اكتسب المهارات والقيم والمعارف التي حددتها أهداف الحصة.
وعلينا أن نتخلى عن موهبة التعليقات -الجارحة- عندما يخرج أحدهم عن مسار التفكير المعتاد, فنتقبّل التفكير بطريقة مختلفة, فربما تكون أولى خطوات مبدع نسهم في اكتشافه.
وعلينا أن نسيطر على مهاراتنا في التلخيص والملخصات, وأن نترك نسبة كبيرة أو على الأقل كافية لينجزها الطالب بنفسه ليكتسب مهارة التلخيص, بدلا من – النسخ – عن السبورة.
وعلينا أن نجمّد قدرتنا على تحويل مسار الدرس إلى حصة إملاء, ليقوم الطالب بملء الفراغ وإكمال الجملة بما نمليه عليه, بل يجب عليه أن يفكر ويبحث ويجتهد ويجهد نفسه قليلا ليصل إلى المطلوب بإشرافنا وإرشاداتنا ومراقبتنا.
وعلينا أن نبتعد عن التطوع للقيام بدور الطالب, بأن نؤدي شرح الدرس من ألفه إلى يائه, فنقرأ بدلا من الطالب ونفكر ونحلل بدلا من الطالب, ونتدبر ونستنتج ونعلل ونقارن ونلخص بدلا من الطالب, وبالتالي نتعلم بدلا من الطالب.
علينا أن نتخلى عن كل هذا إن أردنا أن يدرك وأن يقتنع الطالب أن التعلم والدراسة والمذاكرة والمطالعة ليست يوم الاختبار أو ليلته فقط, بل هي نشاط يملئ كل زمن الفصل الدراسي, وهي مهمته الوحيدة التي تحناج لكل وقته وجهده.
وباختصار علينا أن ننتقل من مهارة الإلقاء والتلقين, إلى مهارة التدريب والإرشاد.
نعم هناك من يعلمون ويعملون, ولهم التقدير والاحترام, وعندما يكون جميعنا كذلك, عندها نكون الفريق الذي يؤدي مهمته وأمانته بتكامل وتعاون ونجاح وتميز وإبداع تجاه أبنائه وأهله وطنه وأمته.
وختاما: هل يمكن تعليم مهارات التفكير؟ نعم. وإن شاء الله سنرى ذلك على هذا الموقع لاحقا, وفي ورش التدريب وحلقات النقاش, وكل هذا سوف تثريه مشاركاتكم, والتي هي محل تقديرينا جميعا ولها كل الاحترام.
جزاك الله خيراً أستاذ سمعان ولي عودة للنقاش حول بعض الأمور المتعلقة بالموضوع .
بارك الله في جهودك وبالتوفيق
مشكور على طرحك الرائع وان شاء الله يستفيد منه الجميع
أضمّ صوتي لصوتك ،،،ودائماً للأمام ،،،، نسأل الله التوفيق والسداد
شكرا لاهتمام الأخوة جميعا, اتمنى لكم التوفيق والسداد على درب العلم والتعليم.
كل التقدير والاحترام
بارك الله فيك يا استاذ سمعان والى الامام مع هذا التميز الذي عرفت به من زمان ونحن معك