مراكز التربية الخاصة .. ما البديل؟
بقلم :محمد العمادي
لعلي أجد نفسي مرغماً في بداية مقالي هذا على التساؤل عما وصلنا إليه في مجال رعاية وتأهيل وتدريب ذوي الاحتياجات الخاصة؟ وما قدمناه لتلك الفئة التي تمثل جزءاً مهماً وحساساً من مجتمعنا وقد يجرني هذا التساؤل إلى أبعد مما أريده هنا بالتحديد فليس القصد هنا التربية الخاصة بحد ذاتها ولا معاييرها المهنية ولا الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ولا البرامج أو القوانين والتشريعات أو الحقوق والواجبات أو غيرها، على الرغم من أن جميع هذه الأدبيات تجول بخاطري.
انتشرت مراكز ذوي الاحتياجات الخاصة هنا وهناك حتى انك قد تجد في الإمارة الواحدة العديد من المراكز التي تعنى بهذه الفئة على مختلف أنواعها ولله الحمد،إلا أن المتفحص لأوضاع الكوادر التي تتعامل مع تلك الفئة يرى النقص الواضح في الكوادر الوطنية في مختلف مجالات رعاية وتدريب ذوي الاحتياجات الخاصة.
مما يؤثر سلباً على برامجنا وما نطمح إليه فالوقوف على إعداد كوادر التربية الخاصة والتخصصات ذات العلاقة بذوي الاحتياجات الخاصة أمر لا بد منه بل أقولها وبكل صراحة إن الوضع الراهن غير مرض على الإطلاق فوجود قسم واحد للتربية الخاصة في دولة كدولة الإمارات العربية المتحدة يعتبر أمراً مستنكراً يبعث على الشعور بخيبة الأمل.
ناهيك عن عدم توفر تخصصات حيوية ومهمة مثل تخصص العلاج النفسي التربوي والإكلينيكي وتخصص اضطرابات النطق واللغة وتخصص العلاج الوظيفي والعلاج الحركي والعلاج الطبيعي، وتخصص علم نفس الطفولة والإرشاد فعدم وجود مثل تلك التخصصات يجعلنا نضع علامات استفهام كبيرة أمام المختصين وذوي العلاقة بتطوير التعليم في إماراتنا الحبيبة.
إن المتتبع لحال الكوادر العاملة في مراكز ذوي الاحتياجات الخاصة ليجد أن معظم مقدمي الخدمات في الدولة هم من الأشقاء أو الأصدقاء الأكفاء- مقدرين لهم هذا الدور-إلا أننا وبكل صراحة لا بد لنا من رفد هذا القطاع بكوادرنا الوطنية التي توفر لنا ولأطفالنا ذوي الاحتياجات الخاصة عنصر الاستقرار.
فأهمية وجود الكوادر الوطنية تكمن في توفير التجانس الاجتماعي والاستمرارية، في حين ان الموظف الوافد مستقره في نهاية المطاف في بلده وقد نخسر خبرته بعد فترة وجيزة وعندها نجد أنفسنا عاجزين عن توفير كوادر وطنية بديلة فالحاجة إلى إيجاد برامج تربوية متخصصة في جامعاتنا حاجة ملحة وليست مؤقتة أو موسمية حاجة تتطلب وقفة حازمة ودراسة معمقة وخطوة جريئة نتقدم بها إلى الأمام لننتقل من مرحلة الطفولة المبكرة في مجال التربية الخاصة إلى مراحل متقدمة لتنمو وتتطور كالتطور التي تشهده بلادنا في مختلف المجالات الأخرى.
أستطيع القول جازماً بأن عدد مؤسسات التعليم العالي التي تمنح شهادات جامعية في تخصص التربية الخاصة في الولايات المتحدة الأميركية على سبيل المثال يبلغ المئات، مع العلم أن الحاجة واحدة هنا وهناك كما أن نسب انتشار الإعاقة واحدة، حيث تبلغ 10% من مجموع السكان العام لأي دولة فمن سيقوم على تدريب وتأهيل هذه الأعداد الهائلة؟
وإلى متى سيبقى اعتمادنا على استقطاب الكوادر العاملة في تلك الحقول؟ وإلى متى سنقوم بابتعاث أبنائنا وبناتنا إلى الخارج للحصول على شهادات في التربية الخاصة والتخصصات المختلفة ولدينا القدرة على فتح البرامج المتخصصة وتوفير الكوادر المؤهلة لتعليم أبنائنا وبناتنا ليصبحوا فاعلين في هذا القطاع كفاعليتهم في قطاعات العمل الأخرى.
إن أحد أهم عوامل جذب الكوادر الوطنية لذلك القطاع هو توفير التشجيع والدعم الدائمين لتلك الكوادر، وتسليط الضوء على أهمية ذلك العمل الذي يقومون به في مختلف مجالات العمل مع ذوي الاحتياجات الخاصة قد يكون هذا التشجيع والدعم خطوة أولى في مسيرة طويلة يطالها هذا التطور الذي تشهده بلادنا في مختلف المجالات.
تعليقاتكم واستفساراتكم ستؤخذ بعين الاعتبار
المدير العام/ عضو مجلس الإدارة مركز دبي للتوحد