إن مفهوم إدارة التطوير يشير الى القيام بإجراء التغيرات بأسلوب مخطط ومنظم، ويعرف بأنه التغيير الذي يهدف إلى إحداث الإصلاح في جميع جوانب ومجالات المدرسة حيث يستهدف تحسين إنجاز الطلاب وتحقيق نتائج أخرى بهدف إيجاد جهد تعاوني مركز .
فالتطوير يتطلب وضع استراتيجية متكاملة وصياغتها بحيث يحدد فيها الأهداف والمحاور والأساليب والموارد المالية والخبرات والطاقات المدرسية وموضوع التغيير ذاته وآثاره الإيجابية والسلبية .
إن التغيرات المتسارعة وما يفرضه عصر العولمة على الواقع التربوي يحتم على مدير المدرسة التكيف مع هذه المتغيرات والاستفادة منها إيجابيا وتوظيفها لخدمة الأهداف التربوية . وعليه إدراك أن التغيير هو ضرورة حتمية وهو منطلق لعملية التغيير .
والسؤال المطروح كيف يدير مدير المدرسة مدرسة اليوم والمستقبل في خضم التغيرات وعصر العولمة ؟ وكيف يستطيع التعامل مع رياح التغيير التي لم تقتصر على البيئة الخارجية للمدرسة بل شملت البيئة الداخلية في أهدافها وهيكلها ومنهاجها ونظامها التعليمي وبرامجها وأنشطتها وأسلوبها في العمل وفي القيم والمباديء ؟
إن عملية التطوير تتطلب قرارات الإدارة العليا وتبنيها لعملية التطوير كما تتطلب قررات الإدارة العليا وتبنيها وللتطوير أسباب ودواع كما يلي :
1. مواجهة التحديات المعاصرة حيث أننا نعيش في عصر تتسارع فيه التغيرات التي أحدثها عصر العولمة وثورة المعلومات وعالم الاتصالات والتي كان لها تأثير كبير وواضح على النظام المدرسي وعلى مجمل العملية التربوية حيث يترتب على مدير المدرسة بناء خطط التغيير من خلال مشاركة العاملين في المدرسة والتركيز على العناصر التي تتميز بالإبداع والتميز والتفوق .
2. تطوير أساليب الإدارة المدرسية في علاج المشكلات والتغيرات التي تؤثر على البيئة المدرسية بما يساعدها على التكيف مع تلك المتغيرات بأسلوب يحمل في طياته المرونة والاستمرارية وتحفيز العملين وزيادة دافعيهم وحماسهم للعمل, وزيادة قدراتهم للتعامل مع معطيات عصر العولمة وإدراكهم للدور المناط بهم مستقبلا, وقدرتهم على المنافسة الواعية لمسايرة ركب التطور لخدمة الأهداف التربوية وقيمنا الإسلامية والتسلح للوقوف أمام محاولات التخريب والفساد وهو الوجه السلبي لذلك التطوير .
3. بناء مناخ مدرسي يساعد على التجديد والإبــداع وهو محصلة طبيعية لمدى إدراك مدير المدرسة لأهمية الدور الذي يقوم به بما ينعكس إيجابا على الأداء العام للمدرسة والتركيز على العمل بروح الفريق الواحد .
ولاشك أن الإدارة الواعية هي التي تدرك مدى حاجتها للتطوير وأن تتنبأ بالمستقبل وتدرس أوضاعها وأفكارها وبيئتها ومدى التقدم الحاصل حولها بحيث تقيس نفسها بمن حولها. وتكمن أهمية المدرسة في أنها تخرج الأجيال الذين ينخرطون في سوق العمل ومعترك الحياة العملية ولعل هذا يعد إضافة جديدة لدور المدرسة في عملية التنمية والتطوير .
إن عملية النهوض بالمدرسة وتحويلها إلى مؤسسة ناجحة يعتمد بشكل كبير على بناء أرضية مشتركة واسعة يقف على شؤونها وتنفيذها جميع الأفراد العاملين في المدرسة، وهنا العديد من الأفراد الذين يمكن أن يساهموا في تسهيل وإدارة التطوير فهؤلاء يمكن أن يكونوا مشرفين تربويين أو موظفين من الإدارات المركزية أو معلمين أو طلابا أو خبراء من داخل المؤسسة.
السؤال هو مالذي يتم تطويره وتغييره ؟
إن التغيير يجب أن يكون في ثلاثة جوانب رئيسة هــي :
1. تغيير في ممارسات المعلمين في الصفوف الدراسية من حيث الأساليب المستخدمة في التعليم وتطويرها بما يتلاءم مع التطورات الحادثة، وكذلك التعامل مع الطلاب بما يتفق مع التغيرات بعيدا عن عقلية المعلم الكلاسيكي القديم .
2. تغيير في الاتجاهات والمواقف والسلوكيات تغييرا لا يخرج عن إطار مبادئنا وقيمنا وعقيدتنا الإسلامية.
3. تغير في الهيكل والاتجاهات بما يتلاءم مع المتغيرات الحادثة, والتغير يقاس بما يمكن إحداثه في سلوك الأفراد من طلاب ومعلمين وإداريين. والتغيير الحقيقي يجب أن يبدأ باستخدام العقول المبدعة وتفجير الطاقات الكامنة في العقل البشري نحو تحقيق الخير للفرد وللجماعة . والأداء الناجح للأفراد داخل مؤسساتهم يعني أن هناك توافقا بين الأفراد وبين الإدارة وهذا ينبغي أن يتم من خلال ثقافة الفرد بما لا يمس من قيمه ومبادئه بل يجعل تلك المبادىء طريقا للنجاح والتميز.
متطلبات التطوير والتغيير الفعال :
حتى يتم التطوير الفعال لابد من تحقيق المتطلبات التالية :
1. إجماع الأفراد في المدرسة على ضرورة التطوير وموافقتهم عليه وبدون الموافقة المتحمسة من المعلمين في البيئة المدرسية فإن التطوير قد لا يحدث تغيرا واضحا ومؤثرا في المدرسة .
2. ضرورة ارتباط الهيئة التدريسية بالمجالس المدرسية وتفعيلها .
3. استخدام متوازن للمصادر والموارد المالية .
4. يستلزم القيام بالتطوير الفعال وقتا طويلا ومعرفة كافية بالضغوطات اليومية المتعلقة بالبيئة المدرسية .
5. توفير المناخ المدرسي المناسب لعملية التطوير .
6. استخدام الوسائل التقنية الحديثة ومصادر المعلوماات لتسهيل عملية التطوير .
7. توفير الموارد البشرية والكوادر المؤهلة القادرة على التغيير والتطوير .
مقاومة التغيير :
إن من أصعب الأمور التي يواجهها مدير المدرسة وأكثرها تعقيدا هو ما يحدث من مقاومة بعض أعضاء هيئة التدريس لعمليات التطوير في برنامج العمل المدرسي وما يتبع ذلك من تخليهم عن القيام بمسؤولياتهم في هذا المجال أو موقفهم السلبي من هذا التغيير والتطوير.
وهناك أسباب تدعوا إلى مقاومة التغيير والتطوير منها :
1. عدم وضوح الأهداف .
2. متطلبات التطوير الناتجة عن الضغوط الكبيرة على العاملين .
3. تعارض الآراء وعدم التوافق بين إدارة المدرسة والهيئة التدريسية .
4. الرضا بالوضع الحالي للمدرسة.
5. ضعف الوعي لدى العاملين في المدرسة عما يدور في العالم .
وللتغلب على هذه المقاومة لابد للقائد التربوي بالمدرسة أن يقوم بالأدوار التالية :
1. إيجاد وعي بالتغيير والاقتناع بضرورته حيث لابد من تجنب القرارات الارتجالية والفوقية .
2. العمل على إفهام العاملين بمضامين التغيير والتطوير وواقعه ودواعيه وأسبابه لقطع دابر التشويش والشكوك .
3. ضرورة إشعار العاملين بالفوائد والإيجابيات التي يمكن أن تتحقق لهم وللمدرسة من جراء التغيير والتطوير .
4. المشاركة : إشرك العاملين في مراحل التغيير والتطوير .
5. مرعاة قيم وعادات العاملين وقيم العمل وأن لا تمسها عملية التغيير التطوير.
إن الدعامة الأساسية والمكون الرئيس لعملية التطوير المدرسي هو القائد التربوي للمدرسة، فكيف نتوقع من مدير مدرسة تجديدا أو تطويرا وحيوية وتقدما وهو لا يؤمن بالتطوير الهادف المخطط له, حيث أن حقيقة التطوير وما يواجهه من معوقات تتطلب قائدا تربويا يمتلك مهارات وقدرات التكيف مع العصر بما يسهم في تطوير العمل التربوي ويخدم المبادىء والقيم وهذا لا يتأتى إلا من خلال تدريب مديري المدارس على التعامل مع المتغيرات .
نحن نريد مديرا ملما بالتغيرات الحادثة، مدركا لعمله، يقرأ الواقع ويستقرىء منه المستقبل، ويعمل على التطوير الهادف والمخطط له، منطلقا من الثوابت عقيدتنا وقيمنا الإسلامية .