سلطان القاسمي .. مقال تحت عنوان " حريق الذاكرة "
Dec 25, 2022 – 09:26 –
الخليج / سلطان بن محمد القاسمي / مقال
الشارقة في 25 ديسمبر / وام / كتب صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة مقالا حول حريق " المجمع العلمي " في القاهرة أعرب خلاله عن ألمه الشديد لما ألم بهذا المجمع الذي يعتبره سموه جزءا من ذاكرته وبإحساسه القومي وحبه لمصر مؤكدا إستعداده لإعادة بناء المجمع وتزويده بالكتب والمخطوطات التي احترقت والتي يمتلك سموه معظمها في مكتبته الخاصة.
وقال الكاتب في مقاله الذي نشرته صحيفة " الخليج " في عددها الصادر اليوم إنه في السابع عشر من ديسمبر الجاري شاهدت كما شاهد الملايين على التلفاز ألسنة اللهب وهي تخرج من مبنى أثري هام أعرفه جيدا و حوله صبية يرمونه بالحجارة وزجاجات المولوتوف .. وسمعت المذيع وهو يردد " المجمع العلمي المصري يحترق " فأصبت بحزن شديد وانفعالات كثيرة تداخلت جميعها في اللحظة نفسها .. دهشة واستغرابا وخوفا وحزنا وأيضا حيرة .
وأضاف .. دهشة أن المبنى يحترق ولا أحد يحاول إطفاء النار فيه كيف..ولماذا .. واستغراب من استهداف هذا المبنى العلمي بالذات..وخوف على الكنوز العلمية أن تأتي النار عليها .. وحزن على تلك النفائس العلمية وهي تعرض محترقة على شاشة التلفاز.. وحيرة أنني لم أستطع التحدث مع القائمين على ذلك المجمع وهو ما دفعني أن أطلب مداخلة مع قناة " دريم " برنامج " العاشرة مساء " ولا أكتفي بالحزن والأسف في محاولة لطمأنة النفس وأيضا طمأنة كل من وقع الحدث في نفسه موقعه مني و أعلن أنني على استعداد لإعادة بناء المجمع العلمي المصري على نفقتي الخاصة و أن أزوده بالكتب والمخطوطات التي احترقت فمعظمها لدي في مكتبتي الخاصة أقدمها هدية دون منة وإنما ردا للجميل الذي في أعناقنا لمصر الحبيبة.
وقال إن المجمع بالنسبة لي جزء من ذاكرتي فأنا عضو في المجمع العلمي المصري منذ فترة طويلة وأعرف مكوناته ومقتنياته وأمورا أخرى لا يعلمها أقرب الناس لذلك المجمع الذي يعدّ إحدى أهم وأقدم الهيئات العلمية في مصر بل في الوطن العربي .
وأشار إلى أن مبنى المجمع العلمي المصري يقع على ناحية تقاطع شارع القصر العيني مع شارع الشيخ ريحان بالقرب من ميدان التحرير و يعتبر المجمع العلمي أول أكاديمية علمية في مصر التي أنشأها " نابليون بونابرت " خلال الحملة الفرنسية على مصر وقد اجتمع المجمع أول مرة في 24 أغسطس عام 1798 برئاسة " غسبار مونج " و يحفظ المبنى بين جدرانه 200 ألف مؤلف .. الكثير منها نادر جدا و تتعلق تلك المؤلفات بتاريخ وجغرافية مصر كما يحفظ المجمع وثائق إدارية ترجع إلى فترة الوجود الفرنسي وملصقات وكتبا علمية متنوعة وكتب رحلات هولندية وإنجليزية .
ونوه بأن المبنى يحفظ من بين مؤلفاته النادرة مؤلف " وصف مصر " في طبعته الأصلية والتي سحبت في ألف نسخة وكان " بونابرت " قد اتخذ في 22 نوفمبر عام 1799 قرارا بجمع كل أعمال العلماء الذين شاركوا في الحملة الفرنسية في مؤلف وضع له عنوان " وصف مصر " كما توزع العلماء الذين شاركوا في تلك المهمة في شعب مختلفة على شاكلة المجمع العلمي الفرنسي : الرياضيات و الفيزياء و التاريخ الطبيعي و الاقتصاد السياسي و الأدب والفنون.
وبين أنه كان للمجمع العلمي نشاط قوي خلال الفترة ما بين 1798 – 1801 وربما كان من أهم أسباب ذلك النشاط هو قائمة الأعضاء الذين ضمهم المجمع آنذاك ومعظمهم كانوا أسماء لامعة في مجالات العلوم والفنون نذكرهم لدلالاتهم كل في مجاله…
أحد عشر عضوا في شعبة الرياضيات وهم .. نابليون بونابرت نفسه و لوي كوستاز و جوزيف فوريي و إتيان لوي مالوس و غاسبار مونج و أنطوان فرانسوا أندريوسي وميشيل أنج لانكري و نيكولا أنطوان نووي و فرانسوا ماري كونو و جاك ماري لوبير و شارل دوغا / دوجا .
وأحد عشر عضوا في شعبة الفيزياء والتاريخ الطبيعي وهم كلود لوي بيرتولي و روني نيكولا دوفريش ديجونيت و ديودا غراتي دي دولميو و إتيان جوفروا سانت ايلير و أدريان رافونو دي ليل و جول سيزار سافيني و هيبوليت فيكتور كولي ديكوتيل وأنطوان دو بوا و بيير جوزيف دي بوشان و دوني صامويل بيرنار و جاك بيير شامبي .
وستة أعضاء في شعبة الاقتصاد السياسي من بينهم..لوي ماري ماكسيميليان دي كافاريلي دو فالغا و جان لامبير تاليان و لوي أليكساندر دو كورانسيز .
وتسعة أعضاء في شعبة الآداب والفنون..فيفان دونون و جان باتيست لوبير و هنري جوزيف رودوتي و شارل نوري و جان كونستانتان بروتان و لوي ريبو و أندري دو تيرتر و جان ميشيل دي فانتو دي بارادي و ميشيل ريغو .
وأوضح الكاتب في مقاله أنه سرعان ما قل نشاط المجمع العلمي المصري بعد خروج الفرنسيين من مصر ثم عاد مرة أخرى إلى نشاطه في سنة 1836 تحت اسم "الجمعية المصرية " بفضل جهود علماء فرنسيين وإنجليز وألمان .. ونقل مقر المجمع إلى الاسكندرية في سنة 1859 وتحول اسمه إلى " المجمع العلمي المصري ".
ولفت إلى أن المجمع كان يعمل تحت رعاية سعيد باشا نائب السلطان و كان عدد كبير من أعضائه من العلماء البارزين مثل عالم النبات الألماني جورج أوغوست شواينفورث و عالمي مصر القديمة أوغوست مارييت وغاستون ماسبيرو .. وفيما بعد انضم إلى المجمع أحمد كمال أول عالم في تاريخ مصر القديم واللغوي أحمد زكي باشا وعاد المجمع إلى القاهرة سنة 1880 وفي سنة 1918 وضع المجمع بقرار سلطاني مباشرة تحت رعاية القصر السلطاني.
وقال إنه حسب القانون الداخلي للمجمع العلمي المصري يتكون أعضاؤه من خمسين عضوا يقيمون في القاهرة ويعين المجمع أعضاء شرفيين لا يمكن أن يتجاوز عددهم المئة ومراسلين أجانب في عدد غير محدود و ينشر المجمع نشرة سنوية وبحوثا تنشر في أوقات غير محدودة و تتكون موارد المجمع من المنح ومن نتاج بيع نشرياته وبحوثه.
وأكد الكاتب الدكتور سلطان بن محمد القاسمي أن من أقدم على حرق المجمع العلمي المصري لا يدرك حقا مدى الجرم الذي إرتكبه في ذاكرة الوطن.
مل / زا /
لله درك رجلا في زمن قل الرجال فيه ولله درك عادلا في زمن قل العدل فيه وأبشر بخير الدنيا والآخرة يا سلطان العلم والحكمة يا من تسير على خطى يا من تسير على خطى السابقين الصالحين
وعودا حميدا لأهلك ووطنك وعاشقيك
يارب اطل في عمر هذا الرجل . والله انني اتمنى ان اقبل يديه التي كتبت هذا المقال . انه حقا لانسان محترم . انه فعلا رمز للقومية العربية في هذا العصر