أمسك الرجل حجرًا و ربطه على بطنه , بسبب شعوره بالجوع الشديد ,كاد لا يستطيع أن يقوم لشدة جوعه , كان يمر عليه اليوم و اليومان من غير طعام , إنه الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه , لم يكن عنده ما يأكله , و لم يخبر أحدًا بما يشعر به من جوع , و لكن لو دعاه أحد الصحابة إلى طعام , سيلبي دعوته .
جلس ذات على طرق من طرقات المدينة , الذي اعتاد الصحابة الخروج منه , فمر عليه أبوبكر رضي الله عنه , شعر بقرب الفرج , ربما يحد عنده ما يأكله , و لكن حياءه يمنعه من طلب ذلك , فماذا فعل أبو هريرة ؟
اقترب من أبي بكر رضي الله عنه , سأله عن آيه في القرآن ,:ان أبو هريرة يعرف تلك الآيه جيدًا , و لكنه أراد أن يكون سؤاله سببًا في أن يمشي معه لعل أبا بكر رضي الله عنه يدعوه إلى طعام في داره و لكن أبا بكر لم يدرك ما يشعر به أبو هريرة من جوع شديد , و لم يدعه إلى طعام في داره .
كان عليه أن ينتظرفي الطريق مرة أخرى , أملاً في أن يمر به أحد الصحابة , لعله يشعر به , رأى صحابيًا مقبلاً , إنه الفاروق عمر بن الخطاب ,رضي الله عنه , سأله عن آية في كتاب الله , كان يعرف تلك الآية , و ربما كان يعرفها أكثر من غيره , و لكنه فعل ذلك لعل عمر رضي الله عنه يدعوه إلى طعام في داره , و لكن عمر لم يشعر به .
اشتد الجوع بأبي هريرة رضي الله عنه , لكن حياءه يمنعه من أن يطلب الطعام من أحد الصحابة , رغم أنهم يتصفون بالجود و الكرم , فماذا يفعل ؟ و هل سيظل يشعر بالجوع حتى يسقط مغشيًا عليه ؟
مر رسول الله – صلى الله عليه و سلم – على أبي هريرة , فلما نظر إليه عرف ما في وجهه و ما يدور في نفسه فقال له – صلى الله عليه و سلم – " أبا هريرة " .. فأجابه أبو هريرة قائلاً : لبيك يا رسول الله . فقال – صلى الله عليه و سلم – : إلحق . فلحق به أبو هريرة رضي الله عنه حتى وصل إلى بيته .
دخل – صلى الله عليه و سلم – بيته , وجد فيه إناءً فسأل أهل بيته عن مصدر ذلك اللبن قائلاً : من أين لكم هذا اللبن ؟ قالوا : أهداه لنا آل فلان. نظر النبي – صلى الله عليه و سلم – إلى أبي هريرة قائلاً : " يا أبا هرّ " أجابه رضي الله عنه : لبيك يا رسول الله . فقال له – صلى الله عليه و سلم – : انطلق إلى أهل الصفة , فادعهم لي . فمن هم أهل الصفة ؟
كانت الصفة مكانًا في مؤخرة المسجد النبوي الشريف, أمر النبي – صلى الله عليه و سلم – أن تظلل بجريد من النخل و قد اطلق عليه " الصفة " أو " الظلة " كان ينزل بها الغرباء من و العزاب من المهجرين و الوافدين الذين ليس لهم أهل و لا مأوى في المدينة , و كان النبي – صلى الله عليه و سلم – كثيراً ما يجالسهم و يأنس بهم و يدعوهم إلى طعامه , فكانوا ضمن من يعولهم – صلى الله عليه و سلم – , كان الصحابة أيضًا يطعمونهم على قدر استطاعتهم , فكان الواحد منهم يأخذ الإثنين و الثلاثة من أهل الصفة , فيطعمهم في بيته و يأتون بالرطب , و يعلقونها في سقف الصفة كي يأكل منها المقيمون .
كان أغلب عملهم هو أن يتعلموا القرآن الكريم و الأحكام الشرعية من رسول الله – صلى الله عليه و سلم – , فإذا جائت غزوة من الغزوات , خرج القدمون منهم للجهاد في سبيل الله و كان من أشهر أهل الصفة الذين انقطعوا للعلم هو أبوهريرة رضي الله عنه , الذي بعثه رسول الله – صلى الله عليه و سلم – كي يدعوهم إلى بيته فقد كانت من عادته أنه إذاجاءته هدية , أخذ منها و بعث منها إليهم , أما إذا جاءته صدقة فكان يرسل بها إليهم من غير أن يأخذ شيئاً منها , فقد كان – صلى الله عليه و سلم – يقبل الهدية و لا يقبل الصدقة .
امتثل أبو هريرة لأمر رسول الله – صلى الله عليه و سلم – أسرع إلى أهل الصفة فدعاهم إلى يت رسول الله – صلى الله عليه و سلم – , فأقبلو مسرعين و أخذوا أماكنهم في البيت كي يشربوا من هذا اللبن ..و لكن كيف ذلك ؟ فإن واحدًا منهم يمكن أن يشربه كله , فلا يبقى شيء لأحد من بعده . فماذا حدث ؟!
قال النبي – صلى الله عليه و سلم – لأبي هريرة : أبا هر .. خذ فأعطهم ! فامتثل أبو هريرة لأمر النبي – صلى الله عليه و سلم – , و هو يدرك أنه لن يبقى له شيء من اللبن , أخذ أبو هريرة يعطي أهل الصفة , كان الواحد منهم يمسك بإناء اللبن فيشرب منه حتى يرتوي, فلا فلا ينفذ ما فيه من لبن !!
ظل أبو هريرة يطوف عليهم , فلما شرب آخر واحد منهم , أعطى أبو هريرة القدح لرسول الله – صلى الله عليه و سلم – , فأخذ النبي – صلى الله عليه و سلم – القدح , وضعه في يده و قد بقيت فيه فَضْلَةٌ من لبن , ثم النبي الكريم رأسه و نظر إلى أبي هريرة ثم تبسم , و قال : أبا هر . فأجابه قائلاً : لبيك يا رسول الله . قال له النبي – صلى الله عليه و سلم – : بقيتُ أنا و أنت . قال أبوهريرة : صدقت يا رسول الله . قال له النبي – صلى الله عليه و سلم – : فاقعد فاشرب .
قعد أبو هريرة و شرب , ثم فال له النبي – صلى الله عليه و سلم – : اشرب , فشرب ظل النبي – صلى الله عليه و سلم –يقول له اشرب , فيشرب أبو هريرة حتى امتلأ بطنه و قال للنبي – صلى الله عليه و سلم – : والذي بعثك بالحق , ما أجد في بطني مسلكًا . لا يجد في بطنه مكانًا لمزيد من اللبن . فقال له النبي – صلى الله عليه و سلم – : ناولني القدح , فامتثل أبو هريرة لأمره و ناوله القدح .
أخذ النبي – صلى الله عليه و سلم – و شرب من الفصله , و بذلك شرب أهل الصفة , و شرب أبو هريرة و شرب رسول الله – صلى الله عليه و سلم – من ذلك الإنلء الصغير , فكانت إحدى المعجزات في تكثير الطعام.
منقوول لأحلى عيون