مراكز التربية الخاصة.. دعم مجتمعي أم حاجة مؤقتة ؟
التطور الذي شهدته التربية الخاصة في مختلف المجالات لم يكن بمعزل عن عالمنا العربي الذي استفاد بشكل ملحوظ من خبرات وتجارب الدول المتقدمة في هذا المجال واستقى من ذلك العلم، فلقد شهدت بعض دولنا العربية خلال العقود الأخيرة تطورات لا يستهان بها في مجال رعاية وتربية وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة.
كما أن التطور الذي شهدته إمارة دبي في مختلف المجالات ألقى بظلاله على ذوي الاحتياجات الخاصة عموماً فأُنشئت المراكز التي تعنى بتلك الفئات وسُنت التشريعات والقوانين لحماية حقوقهم والنهوض بمستوى الخدمات المقدمة لهم.
إلا أن الأعباء المادية التي تتكبدها مراكز ذوي الاحتياجات الخاصة تؤثر بشكل ملحوظ على خدمات تلك المراكز، فكما هو معلوم أن العمل مع ذوي الاحتياجات الخاصة يحتاج إلى الكثير من الجهود الإدارية والفنية، كما يتطلب استقطاب الكوادر المؤهلة لتقديم خدمات تربوية وتأهيلية مناسبة.
وما تتقاضاه تلك المراكز من رسوم التحاق أو تشخيص لا يتجاوز ثلث تكلفة الطالب ذوي الاحتياجات الخاصة، وهو لا يشكل سوى النذر اليسير من دخل تلك المراكز، من هنا يأتي دور المؤسسات العامة والخاصة في دعمها لتلك المراكز للسير في بوتقة واحدة وللنهوض بما يقدم من خدمات لذوي الاحتياج الخاص لترقي شأنها شأن أفراد مجتمعنا وتحقيقاً لمبدأ الشراكة المجتمعية.
والمجتمع يعمل كوحدة واحدة متكاملة ولهذا تضع الدول المتقدمة في جدول أولويتها الاهتمام بفئة ذوي الاحتياجات الخاصة باعتبارها جزءا لا يتجزأ من المجتمع، لكن هذه المسيرة في مجملها ذات تطلعات كبيرة جدا تتطلب أن يتعمق وعي المجتمع بها وأن يتعامل معها كجزء من قضاياه الأساسية.
ومن ما يحضرني من تجارب رائدة هنا.. تجربة انتهجتها شركة «جنرال موتورز» في دعمها اللامحدود وتبنيها لقضية التوحد في مختلف الجوانب وعلى مختلف الأصعدة، فنراها تارة تدعم الأبحاث الخاصة بالتوحد ومرة تدعم المراكز وتارة أخرى توجه دعمها نحو الوعي المجتمعي، هذا الدعم أسهم في تطوير برامج الرعاية والتأهيل للمصابين بالتوحد وأسرهم والقائمين على رعايتهم كما ساعد في نشر الوعي بهذا الاضطراب.
تلك الشراكة الرائدة ليست الوحيدة إنما هناك العديد من تلك التجارب الناجحة التي يظهر فيها جلياً الدور المجتمعي الذي تسهم فيه المؤسسات الكبرى في دعم ورعاية أفراد المجتمع.
تجربة أخرى حمل رسالتها «ستاندرد تشارترد بنك» تجاه ذوى الإعاقة البصرية للرفع من معاناة تلك الفئة وتوفير ما يحتاجونه من برامج تربوية وتأهيلية فكانوا بكل ما تعنيه الكلمة يداً حانية داعمة للمعاقين بصرياً متمثلين بمقولة نحن أجدر أن نتمثل بها فأمتنا كالجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له باقي الجسد بالسهر والحمى.
إنني أتوجه إلى كافة المؤسسات العامة والخاصة أن تحذو حذو تلك الشركات للقيام بدورها في دعم مراكز الاحتياجات الخاصة، ولتساهم في رفع مستوى الخدمات التي تقدم لأطفال تلك الفئة.
فان كانت مساهمتهم المجتمعية هدفها ذر الرماد في العيون وواقع فرضته عليهم ظروفهم الاقتصادية، فلتكن مساهمتكم في دعم مراكز ذوي الاحتياجات الخاصة في إماراتنا الحبيبة نابعة من عقيدتنا وانطلاقا من رسالة الإسلام السماوية الخالدة وتحقيقاً لأهدافه الإنسانية النبيلة وتجسيداً لقيم ومعاني التكافل والتآزر والترابط، تلك الرسالة التي تؤكد على وحدة المجتمع وتكامله.
والواقع الذي تعيشه مراكز ذوي الاحتياجات الخاصة يفرض علينا أن نلتزم تجاه تلك الفئة بتقديم كل ما من أجله الرقي بمستوى الخدمات المقدمة لهم والبحث عن كل ما هو جديد من معرفة وبرامج تربوية وتأهيلية تسهم في الحد من إعاقتهم وتوفر لهم فرص متكافئة مع أقرانهم العاديين.
ذلك الالتزام الدائم الذي نأمل أن تقوم به المؤسسات العاملة في الدولة وكلنا ثقة بأن مراكز ذوي الاحتياجات الخاصة ستجد آذانا صاغية من أصحاب تلك المؤسسات ليحملوا معنا هذه الرسالة وليحظى كل فرد من أفراد مجتمعنا بحقه في الرعاية والتأهيل والخدمات التربوية المناسبة.
تعليقاتكم واستفساراتكم ستؤخذ بعين الاعتبار info@dubaiautismcenter.ae
محمد العمادي
المدير العام عضو مجلس الإدارة ــ مركز دبي للتوحد