حمدان بن محمد: اهتمام الدولة بالمرأة بلا حدود
مكانة مرموقة لجائزتي الأسرة والأم العربية المثالية عربياً وعالمياً
أكد سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، وراعي جائزتي الأم والأسرة العربية المثالية بأن الجائزتين حققتا على مدى السنوات الماضية مكانة مرموقة على المستوى العربي، وسجلتا حضورا مهما على الساحة الاجتماعية العربية.
إضافة لكونهما قدمتا العديد من النماذج المشرفة والمكافحة للأسر والأمهات العربيات، والتي تمثل القيمة الحقيقية للعطاء، وأكدت على المكانة التي حققتها الأم والأسرة العربية في العطاء بلا حدود وفي بناء أجيال تشارك بقوة في بناء الوطن.
وأضاف سموه: إن الواقع الذي وصلت إليه الجائزتان على مدار السنوات الماضية، أكد الهدف الذي سعى إليه الوالد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، والرامي إلى إبراز الجوانب الإنسانية والنبيلة التي تتمتع بها الأم والأسرة العربيتان، وتكريم الأمهات والأسر العربية التي بذلت الكثير من التضحيات في سبيل تربية أبنائها.
وقال سموه في حوار شامل بأن الجائزتين أكدتا على ريادة الدولة في تنوع المبادرات التي تطلقها، والتي لا تقتصر على القطاع الاقتصادي فقط بل تتعداها إلى جوانب عديدة سواء على المستوى الاجتماعي أو الإنساني أو الثقافي أو الخيري، وهو ما تجسده جائزتا الأسرة والأم المثاليتين، ومؤخرا حملة دبي العطاء.
وفيما يلي تفاصيل الحوار.
ـ بداية هناك انطباع سائد بأن الإمارات، ودبي على وجه الخصوص، يحكمها النمط الاقتصادي الجامد، بعيدا عن النواحي الإنسانية والاجتماعية، فما رد سموكم على ذلك؟
– الإمارات دولة حديثة، نجحت في غضون سنوات قليلة بفضل الرؤى الحكيمة التي بدأ لبنتها الأولى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والمغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، والمغفور له الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم، ومن حمل وراءهم الراية بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله.
وبفضل هذه الحكمة والتوجهات السامية دخلت الإمارات ضمن قائمة الدول المتقدمة بامتياز، خصوصا في جوانبها الاقتصادية، ومن هنا أصبح هناك انطباع بأن كل شيء في الإمارات يغلب عليه لغة الأرقام والمنحى الاقتصادي،
ولكن المدقق في التطور الذي شهدته الإمارات ودبي في القلب منها قد تنوع بين كل مناحي الحياة، بما في ذلك المجالات الاجتماعية والإنسانية والخيرية، والدليل على ذلك ما أقرته المنظمات الدولية، حيث تحتل الإمارات أعلى الدول إنفاقاً على العمل الخيري.
إضافة إلى الانجازات الكبيرة التي حققتها المرأة الإماراتية اليوم والتي هي الأم والأخت والجدة حيث يضم المجلس الوطني الاتحادي تسع سيدات، أي بنسبة 5. 22 بالمئة، ويضم مجلس الوزراء سيدتين، فكل هذا وغيره يجسد مدى التطور الاجتماعي الذي يأتي نتاج التطور الاقتصادي على مستوى الإمارات العربية المتحدة.
ـ وماذا عن جائزتي الأسرة والأم العربية المثالية من هذا التطور؟
– لاشك أن كلتا الجائزتين جزء لا يتجزأ من هذا التطور وتعكسان الاهتمام الذي أولته دبي، ومن خلال مهرجان دبي للتسوق للمرأة والأسرة العربية التي أعطت الكثير للمجتمع العربي، في ساعات المحن وفي الرخاء أيضا، فالأم هي التي تحملت وتتحمل كل العناء في بناء مجتمع يتوافق أفراده مع قيمنا وديننا الحنيف، بعيدا عن التعصب والتطرف،
بل هي البذرة التي من خلالها أوجدت روح التعايش، مع الآخر، فالمجتمع العربي وعلى مر السنين، عاش مع كل أطياف الجنسيات، بما في ذلك فترات اتسمت بالصعوبة، والشقاء، وذلك بفضل القيم التي غرستها الأم في أفراد هذا المجتمع، ولا تقدم الجائزة سوى القليل جدا لما قدمته الأم والأسرة العربية، ومازالت تقدمه لأجيال حالية وقادمة.
ـ المتعارف عليه أن تكون هناك جائزة للأم المثالية، فلماذا قدمت دبي جائزتي واحدة للأسرة وأخرى للأم؟
– أعتقد أن هذا جزء من التميّز الذي نعمل على ترسيخه في كل الخطوات التي نخطوها في كل شيء وفي كل مبادرة تطلقها دبي، والأهم أن جائزة الأسرة فكرة مبتكرة لتكريم الأسر العربية التي تركت بصمات اجتماعية وإنسانية في حياة المجتمعات العربية، وجسدت الصيغة المثلى للأسرة العربية على مدى التاريخ، خاصة ان الأسرة هي اللبنة الأولى للمجتمع المتطور والمتقدم، والمثالي أيضا، فتكريم الأسرة المثالية هو تكريم للمجتمع ككل.
ـ هل يمكن أن نعتبر جائزة الأم العربية المثالية انعكاساً لاهتمام إماراتي دولي بالمرأة بصفة عامة؟
– لا يختلف اثنان على هذا، فجائزة الأم العربية المثالية، تطور طبيعي للاهتمام بالمرأة، وهناك العديد من المبادرات والرؤى التي تعكس الاهتمام الإماراتي بالمرأة،
وقد حددت الدولة نقاطاً معينة لتطوير الخطة الدولية لحماية المرأة، كما دعت المجتمع الدولي في العديد من المحافل إلى أن يتحمل مسؤولياته إزاء استمرار الأوضاع المزرية التي تعانيها المرأة وأطفالها، خاصة في مناطقنا العربية مثل فلسطين والعراق.
ويعكس الاهتمام الإماراتي ما حددته فيما يتعلق بالبند الخاص بـ «المرأة والأمن والسلام» أمام الأمم المتحدة من أن المجتمع الدولي مازال بعيدا كل البعد عن تحقيق الأهداف المنشودة التي كان يتطلع إليها في هذا المجال، خصوصا أن النساء وأطفالهن يشكلون وبصورة متزايدة المتضرر الأكبر من الصراعات.
ـ ما رأي سموكم في القول بأن تحديد جائزة الأسرة والأم المثاليتين بالجنسية العربية يضع الجائزة في مأزق التفرقة بين ما هو عربي وغير عربي؟
– هذا قول مردود عليه فالجائزة لها توجه عربي منذ إطلاق جائزة الأسرة العربية في العام 1999، وجائزة الأم المثالية في العام 2000، ثم ان مجتمعنا العربي له خصوصيته وثقافته.
كما أن الاهتمام الإماراتي بالمرأة لم يفرق يوما بين ما عربي وأجنبي بصفة عامة عند طرح القضايا الاجتماعية والإنسانية، وان كانت قضايانا المحلية والإقليمية في القلب من اهتمامات الدولة، وجهود أم الإمارات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك آل نهيان خير دليل على الاهتمام بالمرأة في كل بقاع المعمورة.
وقد طالبت الإمارات أمام الأمم المتحدة بضرورة تعزيز إشراك الحكومات والمجتمع المدني إشراكا كاملا في تنفيذ خطة «المرأة والأمن والسلام» وتنفيذ خطط وطنية شاملة وكفيلة بإشراك المرأة وتمكينها بشكل فاعل ومستدام، والعمل على الانتهاج الأفضل في جميع الأمور بما في ذلك زيادة مشاركة المرأة في عمليات اتخاذ القرارات للتخفيف من الأثر السلبي للأنشطة غير المشروعة ضد المرأة.
وامتدت دعوات الإمارات إلى التشجيع على ابتكار الأساليب والتطبيقات الأفضل للتدريب والتأهيل وتسهيل مشاركة المرأة في الانتخابات والحكم، وفي برنامج الأغذية «الغذاء مقابل التدريب»، وتحسين آليات الإبلاغ الفوري عن حالات انتهاكات حقوق الإنسان للمرأة، وتعزيز التشريعات والتدريبات الوطنية والإقليمية والدولية الكفيلة بإنهاء ظاهرة الإفلات من العقاب على مرتكبي العنف ضد المرأة.
ولاشك أن حملة دبي العطاء دليل آخر على مدى البعد الإنساني الذي تحمله الحملة لرؤية الإمارات للتعاطي مع كل المجتمعات، دون نظرة ضيقة أو أحادية، فالحملة تصب في خدمة المجتمعات الفقيرة في بقاع الدنيا، وإن كانت تضع في الأولوية للعالم النامي والفقير.
ـ من وجهة نظر سموكم ماذا حققت جائزتا الأسرة والأم العربية المثالية، وما المنتظر منهما؟
– لو راجعنا سجل الجائزة منذ الانطلاقة الأولى عام 1999، فسنجد بأن الجائزتين قد حققتا العديد من نقاط التميز، حيث كشفت عن 16 قصة إنسانية واجتماعية، وحكايات من العطاء غير المحدود دون الانتظار لأي مقابل، من خلال 16 أماً وأسرة مثالية من 11 جنسية، بينها ثماني أمهات مثاليات توزعت على ست جنسيات من عالمنا العربي، شملت الإمارات «اثنتان» والكويت والسودان والبحرين «اثنتان» ومصر واليمن،
بينما قدمت جائزة الأسرة العربية ثماني أسر مثالية من سبع جنسيات شملت الإمارات وقطر ومصر وسوريا والعراق وتونس الأردن (اثنتان)، ولاشك أن هذا العدد تجسيد حي لعطاء الأمهات والأسر العربية، والمستقبل ينبئ بمزيد من القصص والحكايات، التي ستقدمها الجائزة والتي انطلقت لتبقى، فقد تعودت دبي أن تقدم مبادرات ونماذج تتسم بالاستدامة وليس لفترة وتنتهي.
ـ هل ستبقى الجائزتان مرتبطتان بمهرجان دبي للتسوق أم أن هناك خطة لتنظيمهما بعيدا عنه؟
– ارتبط اسم جائزتي الأم والأسرة المثالية بمهرجان دبي للتسوق، والفكرة كلها جاءت ضمن الحدث الأكبر وهو المهرجان، وأصبحت جزءاً رئيسياً من الفعاليات الاجتماعية لمهرجان دبي للتسوق، والذي تحول إلى مهرجان بكل ما تحمله الكلمة من معاني،
والمؤكد أيضا فان مهرجان دبي للتسوق أصبح ملتقيً بسماتٍ خاصة لكل القيم الاجتماعية والتربوية وتحمل في مضامينها معان نبيلة وإنسانية، وليس هناك أهم وأسمى من الأم والأسرة اللتين تستحقان أن نكرمهما في هذا المحفل والملتقى والمهرجان من عام إلى آخر، ثم أن الاحتفال بالأم والأسرة العربية المثالية خلال المهرجان، يعطيهما بريقا واهتماماً أوسع واشمل.
ـ لكن يبقى أن مهرجان دبي للتسوق حدث تجاري اقتصادي ترفيهي.. وربط جائزتي الأم والأسرة المثالية، يرى البعض فيه عدم تناغم؟
– هذه نظرة ضيقة جدا، فلابد أن ننظر لمنظومة مهرجان دبي للتسوق في صورتها العامة، فعندما بادر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بإطلاق مهرجان دبي للتسوق عام 1996، كان يضع رؤية لدبي المستقبل، فإلى جانب تنشيط قطاع التجزئة والترويج لدبي كمدينة سياحية بشكل عام،
كان يتوقع سموه أن المهرجان سيصبح منتجا سياحيا شاملا يتضمن فعاليات ترفيهية عالمية متنوعة مصممة لجذب السياحة العائلية من مختلف أنحاء العالم وعلى نطاق واسع، وبأنه سيعزز من مكانة دبي كمدينة راقية تتسم بمواصفات المدن العالمية وكمركز تجاري ووجهة للسياحة والتسوق في الشرق الأوسط، وأن يصبح المهرجان ملتقيً لمختلف القيم الاجتماعية والتربوية، وهو ما تحقق بالفعل.
ثم ان هناك أمراً آخر يجب أن نضعه في الحسبان، وهو أن جائزتي الأسرة والأم العربية المثالية، جاءتا ضمن مجموعة من المبادرات الخاصة بإطلاق جوائز مرتبطة بالمهرجان تحمل في مضمونها قيما متنوعة من بينها جائزة الإبداع، وجائزة الصحافة، وجائزة التصوير،
كما أن مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد لتكريم الأمهات والأسر يأتي تقديرا للدور الكبير والمحوري للنهوض بالمجتمعات وتنميتها وتطويرها والارتقاء بمستواها وتعزيز أواصر التماسك والترابط بين أفرادها.
ـ هل لنا أن نتوقف عن جديد الجائزتين هذا العام خصوصا وأنه العام الثاني لرعاية سموكم لهما؟
– حرصت دبي دائما على التحديث والتطوير لكل مبادراتها الاجتماعية والإنسانية، ولا تقف طموحاتنا عن حدود معينة، فجائزة الأم والأسرة العربية المثالية ولدت لتبقى، ولا شك ان التطوير هو أحد أهم الأهداف،
خصوصا من خلال توسيع حجم المشاركة والوصول إلى الأمهات والأسر العربية التي تقيم خارج نطاق الدول العربية نفسها «دول المهجر»، ولاشك ان هناك مئات من قصص العطاء لأمهات وأسر عربية عاشت خارج حدود وطنها العربي وأعطت الكثير، وأملنا أن نصل إلى هؤلاء وندعوهم للمشاركة في هذه الجائزة التي نستطيع أن نقول أنها دولية بالمعنى العام.
كما أن القيم الإنسانية التي نرمي إليها ليس لها حدود، فقد حرص مهرجان دبي للتسوق على تنظيم جائزتي الأم العربية المثالية والأسرة العربية المثالية تأكيدا على الجوانب الإنسانية للمهرجان وترسيخاً للقيم الأسرية وترجمة لشعاره «عالم واحد عائلة واحدة» بشكل عملي وواقعي والعمل على تكريم الأمهات والأسر العربية التي ضحت من أجل بناء لَبناتٍ قوية لمجتمعات تحمل كل القيم النبيلة.
وستواصل الجائزة بذل الجهود من أجل إبراز الجوانب الإنسانية والتضحيات التي تقوم بها الأمهات والأسر العربية وتسليط الضوء على مثل هذه النماذج من التجارب الأسرية الناجحة والسمات والقيم والأخلاق العربية الأصيلة التي تتميز بها العائلات العربية، لتشجيع بقية الأمهات والأسر لتحذو حذو كل من فاز، وحتما هدفنا أن تبقى الجائزة هي الأهم في نطاقها الإقليمي والعالمي أيضا.
الأرقام تؤكد حجم الاهتمام الاجتماعي والوظيفي والتعليمي بالمرأة
أكد سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، وراعي جائزتي الأم والأسرة العربية المثالية أن الدولة تولي المرأة اهتماما كبيرا على مدى السنوات الماضية منذ البدايات الأولى لتأسيس الدولة.
وحتى لا نذهب بعيدا في تفاصيل التطور الكبير الذي لامس المرأة الإماراتية في السنوات الماضية والذي أصبح يعرفه الجميع، دعنا نركز على عام 2022، والذي شهد برأيي قفزة نوعية في هذا المجال حيث تسارعت خطوات إشراك المرأة في العملية السياسية عبر انتخاب امرأة لأول مرة عضوا في المجلس الوطني الاتحادي،
واكتمل هذا التوجه بتعيين ثمان من النساء كأعضاء في المجلس الوطني الاتحادي، بقرارات من أصحاب السمو الحكام، من بين حصص تعيين النواب العشرين في كل إمارة وبهذا يضم المجلس الوطني الاتحادي الحالي 9 نساء من بين 40 عضوا،
وتبلغ نسبة الإناث من مجموع طلاب جامعة العين 75 بالمائة وتشكل النساء غالبية الموظفين الحكوميين في قطاعي التعليم والرعاية الصحية، وتجاوزت نسبة النساء 4. 22 بالمائة من قوة العمل، وتتولى النساء 66 بالمائة من وظائف القطاع الحكومي من بينها 30 بالمائة من الوظائف القيادية العليا المرتبطة باتخاذ القرار.
كما شجعت الحكومة النساء، في السنوات الأخيرة، ليصبحن شرطيات ومتطوعات في القوات المسلحة، وبدأت أولى سائقات سيارات أجرة في منطقة الخليج عملهن في الإمارات منذ العام 2000، كما يمكن للمواطنات تملّك مصالحهن التجارية بالكامل.
كما أن نسبة التعليم بين الفتيات عنوان آخر لمدى الاهتمام الذي تأخذ به الدولة على عاتقها لترسيخه فالأرقام تشير إلى أن نسبة تعليم الفتيات في المدارس 94 بالمائة للمرحلة الابتدائية وبلغت نسبة الفتيات في مراحل التعليم العالي 62 بالمائة من مجمل عدد الطلبة الماجستير والدكتوراه، وعلى مستوى قطاع الأعمال تقوم 14 ألف سيدة أعمال بإدارة أكثر من 7. 14 مليار درهم،
كما تعمل الجهات في الدولة على إزالة الحواجز الاجتماعية والنفسية أمام الاندماج الكامل للمرأة في كافة قطاعات العمل وتخصصاته من خلال تعميم ونشر ثقافة المساواة والعدالة في كافة مؤسسات الدولة لاسيما في المدارس ووسائل الإعلام.
دبي ـ البيان